كيف تحمي بشرتك الحساسة من موجات الحر؟

مع الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة خلال السنوات الأخيرة، أصبحت موجات الحر تحديًا صحيًا لا يُستهان به، خصوصًا بالنسبة لأولئك الذين يعانون من بشرة حساسة. فالبشرة التي تتفاعل بسرعة مع العوامل البيئية تجد نفسها في وضع هشّ أمام أشعة الشمس المباشرة، الرطوبة المرتفعة، والتلوث. هذه التغيرات المناخية المتسارعة، التي أكدت منظمة الصحة العالمية خطورتها، تفرض علينا فهمًا علميًا دقيقًا لكيفية العناية بالبشرة الحساسة خلال فترات الحر، لتفادي الالتهابات، الاحمرار، أو تفاقم الحالات الجلدية المزمنة.

تُعرف البشرة الحساسة بكونها مفرطة التفاعل مع المهيّجات، سواء كانت طبيعية أو صناعية، وهي تتجلى غالبًا في هيئة احمرار، حكة، إحساس بالوخز أو حرقة، وأحيانًا طفح جلدي متكرر. وتشير إحصائيات الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية إلى أن نسبة لا يُستهان بها من النساء والرجال يعانون من درجات مختلفة من تحسس البشرة، لا سيما في الفصول الحارة. وفي هذا السياق، يتزايد خطر ظهور مشكلات جلدية عند ارتفاع درجات الحرارة، مثل الطفح الحراري الناتج عن انسداد قنوات العرق، أو حروق الشمس التي تؤثر حتى على طبقات الجلد العميقة، فضلًا عن جفاف البشرة وفقدانها للتوازن الطبيعي في ترطيبها، وهو ما يُمكن أن يمهد لظهور التهابات جلدية أو عدوى بكتيرية.

للوقاية من هذه التأثيرات، يوصي خبراء الجلدية بعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال ساعات الذروة، التي تمتد عادة من الحادية عشرة صباحًا إلى الرابعة مساءً، حيث تكون الأشعة فوق البنفسجية في أقصى مستوياتها. وفي حال الاضطرار للخروج، يجب ارتداء قبعات واقية ونظارات شمسية، مع الاعتماد على واقٍ شمسي واسع الطيف بمعامل حماية لا يقل عن SPF 30، شرط أن يكون خاليًا من العطور والكحول لتجنّب تهيج الجلد. وتجدر الإشارة إلى أهمية تجديد الواقي الشمسي كل ساعتين أو بعد السباحة والتعرق.

ولا تقل أهمية الترطيب الداخلي والخارجي للبشرة عن الحماية من الشمس. فالإكثار من شرب الماء يعزّز توازن السوائل في الجسم، ما ينعكس إيجابًا على نضارة البشرة ومرونتها، بينما يساعد استخدام مرطّب مناسب – يحتوي على مكونات مهدئة مثل الألوفيرا أو حمض الهيالورونيك – في حماية الطبقة السطحية من الجفاف والتشقق. وتُنصح الفئات الحساسة باختيار مرطبات خالية من المواد الحافظة القوية والعطور الصناعية، لأن هذه المكونات تُعد من العوامل المحفزة للتهيج. كما يُستحسن الاستحمام بماء فاتر بدلًا من الساخن، مع تجنّب الفرك العنيف للبشرة، والاعتماد على مناشف قطنية ناعمة لتجفيف الجسم.

أما على مستوى اللباس، فتوصي هيئة الصحة البريطانية بارتداء ملابس فضفاضة وخفيفة، مصنوعة من القطن أو الألياف الطبيعية، لأن الأقمشة الصناعية قد تحتفظ بالحرارة والرطوبة، مما يزيد من احتمال حدوث الطفح أو الاحمرار. كذلك، من الأفضل اعتماد ألوان فاتحة لأنها تعكس أشعة الشمس بدل امتصاصها، ما يقلل من سخونة الجلد.

لكن، وعلى الرغم من اتخاذ كل هذه التدابير، قد تظهر أحيانًا أعراض لا يجب تجاهلها مثل احمرار شديد لا يزول، أو بثور مؤلمة، أو إحساس دائم بالحكة، وهي إشارات تدعو إلى استشارة طبيب مختص في الأمراض الجلدية. فالطبيب وحده يستطيع التمييز بين تفاعل جلدي عابر وحالة مرضية تحتاج إلى تدخل علاجي منظم.

في النهاية، لا يمكن إنكار أن تغير المناخ فرض واقعًا جديدًا يستدعي وعيا أكبر بكيفية العناية بالبشرة، خاصةً الحساسة منها، خلال فترات الحر الشديد. إن الوقاية والاحتياط لم يعودا ترفًا، بل ضرورة صحية، لأن تجاهل الإشارات الأولية قد يؤدي إلى مضاعفات غير متوقعة. لذا، نؤكد في الختام على أهمية التشاور مع طبيب الجلدية عند حدوث أي أعراض غير مألوفة، فالرأي الطبي المختص هو الضمانة الأفضل لسلامة البشرة وصحتها.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...