في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الحماية القانونية والاجتماعية للمرأة والأسرة، ترأس الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة الاجتماع الأول للجنة الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف برسم سنة 2025، وقد حضر أشغال هذا اللقاء السادة نواب وكلاء الملك رؤساء اللجان المحلية للتكفل بالنساء ضحايا العنف على مستوى المحاكم الابتدائية التابعة للدائرة القضائية ، بالإضافة النائبة الأولى للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، وكذا رئيس المجلس العلمي المحلي بالقنيطرة ، ورئيسة جمعية اتحاد العمل النسائي بالمغرب، ونقابة هيئة المحامين بالقنيطرة ، وضباط الشرطة القضائية المكلفين بخلايا التكفل بالنساء على مستوى ولاية أمن القنيطرة، والقيادة الجهوية للدرك الملكي بالقنيطرة وسيدي قاسم، وكافة الشركاء الفاعلين ضمن الخلية الجهوية، ما جعل الاجتماع منصة متعددة الأطراف لتبادل الرؤى حول إحدى القضايا الملحة في المجتمع.
وقد تركزت المناقشات حول العنف الاقتصادي ضد الأسرة باعتباره أحد التحديات الراهنة التي تتطلب معالجة دقيقة. في هذا السياق، شدد الوكيل العام للملك في كلمة بهذه المناسبة على أهمية تناول هذا الموضوع بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأسر المغربية، خاصة مع تزايد عدد الشكايات المتعلقة بهذا النوع من العنف أمام النيابات العامة، كما استند في طرحه إلى المرجعية الدستورية، مستحضراً مقتضيات الفصل 32 من دستور 2011، الذي ينص على التزام الدولة بحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأسرة، بما يضمن وحدتها واستقرارها، و أشار إلى القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي يعرّف العنف الاقتصادي باعتباره كل فعل أو امتناع يؤثر سلباً على الحقوق المالية والاجتماعية للمرأة.
كما تطرق إلى مظاهر العنف الاقتصادي؛ أبرزها الامتناع عن أداء النفقة في مواعيدها القانونية، وهو ما يعرف بإهمال الأسرة، إضافة إلى سيطرة بعض الأزواج أو الآباء على الموارد المالية للزوجة أو الابنة أو الأخت، مما يرسّخ التبعية الاقتصادية ويحدّ من استقلالية المرأة، واستحضر ظاهرة حرمان النساء من الميراث، وإجبارهن على الاقتراض لصالح الغير دون تمكينهن من التصرف في القروض التي يتحملن مسؤوليتها.
من جانب آخر، أكدت المداخلات المختلفة على ضرورة توحيد المقاربات لضمان تحقيق الالتقائية المطلوبة بين مختلف المتدخلين، خاصة وأن التمكين الاقتصادي للمرأة يعدّ إحدى الركائز الأساسية في الاستراتيجية الوطنية للتمكين الاقتصادي للنساء (2021-2030)، ويهدف هذا البرنامج إلى تعزيز الاستقلال المالي للمرأة عبر مبادرات متنوعة، مما يسهم في تقليص الهشاشة الاقتصادية التي تعاني منها العديد من الأسر.
بناءً على هذه المناقشات، يتضح أن محاربة العنف الاقتصادي لا تقتصر على الجوانب القانونية فقط، بل تتطلب أيضاً مجهودات مشتركة بين مختلف الفاعلين لضمان حماية فعالة للمرأة والأسرة، مع تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية استقلالية المرأة اقتصادياً كوسيلة لحماية حقوقها وضمان استقرار الأسرة.