في مشهد سياسي مغربي يتسم بالتحديات والتطلعات، يبرز الوزير عبد الصمد قيوح كقائد ملتزم بإحداث تغيير جذري في قطاع النقل واللوجستيك، فمنذ توليه المنصب قبل شهرين ونصف، شرع في تنفيذ رؤية إصلاحية تروم معالجة التراكمات السلبية التي خلفتها الإدارات السابقة، مع التركيز على تعزيز الكفاءة والشفافية داخل الوزارة.
حيث يستحضر قيوح في مسيرته الإصلاحية مقولة الملك الراحل الحسن الثاني: “التحديات ماشي حنا ماليها، ولكن إذا فرضت علينا فنحن قادرون على رفعها بالكفاءات الوطنية المخلصة”؛ بهذا الإيمان يواجه الوزير التحديات الآنية والمستقبلية لقطاع النقل، معتمدًا على رأس المال البشري والكفاءات الوطنية لتحقيق الأهداف المنشودة.
منذ عام 2012، شهد قطاع النقل تدبيرًا اتسم بالجمود والافتقار إلى الكفاءة، حيث تم تعيين مسؤولين بناءً على الولاءات الشخصية بدلًا من الاستحقاق والكفاءة، هذا النهج أدى إلى تراكم مشكلات هيكلية أثرت سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، ومع إحداث وزارة النقل واللوجستيك في عام 2021، برزت الحاجة الملحة لإصلاح القطاع وتنمية المقاولات الوطنية العاملة فيه خصوصا مع الاستعدادات لاستضافة المونديال.
في هذا السياق، ورغم قصر مدة توليه المنصب، بادر قيوح إلى تنفيذ صفقات لشراء سيارات خدمة لرؤساء الأقسام، بهدف تحفيز الكفاءات وضمان تنقلات مسؤولي الوزارة بشكل فعال، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الصفقات تخضع لموافقة مسبقة من وزارة المالية، وتحت رقابة مؤسسات المملكة الدستورية، مما يضمن الشفافية والنزاهة في تنفيذها.
تتجلى رؤية قيوح الإصلاحية في عدة مشاريع استراتيجية تهدف إلى تطوير البنية التحتية وتعزيز تنافسية القطاع، ومن بين هذه المشاريع نجد توسيع شبكة السكك الحديدية لتشمل مدنًا جديدة، بما في ذلك تمديد الخط فائق السرعة إلى مراكش وأكادير، بهدف ربط 43 مدينة بحلول عام 2040، مما سيغطي 87% من سكان المملكة؛ هذا المشروع الطموح يتطلب استثمارات ضخمة، ويهدف إلى تقليص مدة السفر بين المدن وتعزيز التكامل الاقتصادي والاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى الوزارة إلى مضاعفة القدرة الاستيعابية للمطارات المغربية لتصل إلى 80 مليون مسافر بحلول عام 2030، استعدادًا لاستضافة المونديال وتعزيز القطاع السياحي، كما تشمل هذه الجهود توسيع مطار الدار البيضاء ليستوعب 23.3 مليون مسافر، ومطار مراكش ليصل إلى 14 مليون مسافر، ومطار أكادير بسعة 6.3 مليون مسافر، وهذه التوسعات ستسهم في تعزيز مكانة المغرب كمركز إقليمي للنقل الجوي والسياحة.
في مجال النقل البحري، تعمل الوزارة على تطوير أسطول وطني وتعزيز الربط مع الموانئ الإفريقية، تنفيذًا لمبادرة “الحزام الأطلسي” التي أطلقها الملك محمد السادس، ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز التجارة البينية مع الدول الإفريقية الشقيقة، وكذا تطوير البنية التحتية للموانئ المغربية لتكون قادرة على استيعاب الحركة التجارية المتزايدة.
كما تأتي هذه الجهود في ظل تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، حيث يسعى المغرب إلى تعزيز شراكاته الدولية وتنويع اقتصاده، وفي هذا الإطار تم الإعلان عن استثمارات ضخمة في البنية التحتية، بما في ذلك تخصيص 2 مليار يورو لشراء 150 قطارًا جديدًا، بهدف تحديث وتوسيع شبكة السكك الحديدية استعدادًا للمونديال، فهذه الاستثمارات ستسهم في تعزيز قدرات النقل وتلبية احتياجات المواطنين والزوار على حد سواء.
من خلال هذه المشاريع الطموحة، يسعى الوزير قيوح إلى تحقيق نقلة نوعية في قطاع النقل واللوجستيك، معتمدًا على الكفاءات الوطنية والشفافية في التدبير، ورغم التحديات والعراقيل، يظل عازمًا على المضي قدمًا في إصلاح ما أفسدته السياسات السابقة، واضعًا نصب عينيه مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.