حذر خبراء في قانون الشغل من التسرع في إقرار مشروع القانون التنظيمي للإضراب المعروض حاليًا على مجلس المستشارين، مشددين على ضرورة الحفاظ على حق الإضراب كحق دستوري يُمارس بتوازن يحترم حقوق جميع الأطراف. ودعوا إلى مراجعة شاملة لمشروع القانون لتخليصه من النزعة التقييدية التي لا تزال حاضرة في بعض مواده.
في هذا السياق، أوضح محمد طارق، الأستاذ الجامعي وخبير قانون الشغل، خلال يوم دراسي نظمته لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، أن مسار التشريع بدأ بمنهجية واضحة تضمنت الحوار الاجتماعي والنقاش المجتمعي، إلى جانب رأيين استشاريين، قبل مناقشة مشروع القانون بمجلس النواب.
وانتقد طارق السرعة غير المبررة في مسطرة الإحالة على مجلس المستشارين، معتبرًا أن ذلك يثير القلق ويستدعي التريث.
وأشار طارق إلى أن مجلس المستشارين يشكل فرصة لإعادة بناء التوافق الاجتماعي الذي أسفر عنه الحوار الاجتماعي في السنتين الأولى والثانية من عمل الحكومة، مؤكدًا أن السرعة في المنهجية تثير القلق وتستدعي التريث.
كما اعتبر أن النص الذي صادق عليه مجلس النواب يفتقر إلى الدقة اللغوية والأسلوب التشريعي المنظم، موضحًا أن الوقت الذي أمضاه الوزير السكوري مع لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، والذي قُدّر بحوالي 20 ساعة، كان فرصة ضائعة للتأمل في المقتضيات اللغوية والأسلوبية والبنيوية.
من جهته، أكد علال البصراوي، نقيب المحامين السابق بخريبكة، أن الإضراب حق دستوري ينبغي الحفاظ عليه دون أي تعسف، مشددًا على أهمية ممارسة هذا الحق بشكل متوازن يحترم حقوق الأطراف الأخرى.
وأشار إلى أن الديباجة التي ترى الحكومة أنها ليست من الأمور الأساسية في القوانين التنظيمية، تُعد من أهم عناصر القوانين، حيث إنها تعتبر مرجعًا أساسيًا للقاضي عند تفسير النصوص القانونية في حالة وجود غموض.
كما أوضح البصراوي أن الإجراءات الحالية للدعوة إلى الإضراب تبدو معقدة وغير عملية، سواء من حيث المدد الزمنية أو الجهات التي يجب تبليغها، لافتًا إلى أنه يُفضل أن تكون المدد الزمنية معقولة، حيث إن القانون المدني وحتى العام، يفسر الآجال المعقولة في 15 يومًا في جميع القوانين. وبالنسبة للتبليغ، يرى البصراوي أنه يكفي تبليغ عامل الإقليم، الذي يمثل الحكومة على المستوى المحلي، دون الحاجة لتبليغ كل جهة بشكل منفصل.
وفيما يتعلق بالجهات المخولة بوقف الإضراب، فضل البصراوي أن تُمنح هذه الصلاحية للقضاء فقط، مثل قاضي المستعجلات، بدلاً من السماح لرئيس الحكومة أو السلطات العمومية بالتدخل المباشر.
كما نوه باستبدال مصطلح “العقوبات” بـ”الجزاءات”، مؤكدًا أنه عند التشريع للحقوق والحريات، يجب أن يتم ذلك بروح مرنة، عكس التشريعات الجنائية التي تتسم بالصرامة.
يُذكر أن مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، أثار جدلاً واسعًا في الأوساط النقابية والحقوقية بالمغرب، حيث ترى بعض النقابات أن اعتماد قانون الإضراب دون أن يتم وفق رؤية مندمجة ووضع آليات وترسانة قانونية، يعد مجازفة قانونية.