في تقدم واعد بمجال علاج سر..طان الدم الليمفاوي الحاد للخلايا البائية، نجح باحثون من جامعة كامبريدج في تطوير تركيبة دوائية فموية تجمع بين عقاري “فينيتوكلاكس” و”إينوبرديب”، وقد أظهرت نتائج التجارب الأولية فعالية ملحوظة في القضاء على الخلايا السرطانية، بما في ذلك تلك التي أبدت مقاومة للعلاجات التقليدية.
هذا النوع من السرطان يُعد الأكثر شيوعًا لدى الأطفال، وينشأ نتيجة تكاثر غير طبيعي للخلايا البائية في نخاع العظم، مما يعيق إنتاج خلايا الدم السليمة، وقد يمتد تأثيره إلى مناطق أخرى كالجهاز العصبي المركزي، ما يجعل علاجه أكثر تعقيدًا.
العلاج الكيميائي المستخدم حاليًا ينجح غالبًا في إنقاذ أرواح المرضى الصغار، لكنه يتطلب فترة طويلة تتجاوز السنتين، ويترك آثارًا جانبية قاسية قد تطال الأعصاب والمفاصل والقلب، ناهيك عن تساقط الشعر والغثيان، وتقل فعاليته تدريجياً مع تقدم العمر. في هذا السياق، برزت أهمية هذا الابتكار الجديد، الذي يعِد بنتائج علاجية أسرع وأقل ضررًا.
آلية عمل العقارين تكشف عن نهج ذكي؛ إذ يستهدف “فينيتوكلاكس” بروتين BCL2 المساعد في بقاء الخلايا السرطانية حية، بينما يعطل “إينوبرديب” بروتين CREBBP الذي يمنح الخلايا القدرة على مقاومة العلاج. وعند دمج العقارين، تدخل الخلايا المصابة في حالة من الموت الخلوي تُعرف بـ”الموت المبرمج بالحديد”، وهي عملية تدمر الخلية من الداخل عبر تدهور الدهون في أغشيتها، ما يجعلها غير قادرة على النجاة.
ورغم اقتصار الدراسة الحالية على نماذج فئران وسلالات بشرية مخبرية، فإن الفريق العلمي يطمح في تحقيق نتائج مماثلة لدى المرضى البشر، خاصة أن كلا العقارين سبق استخدامهما بأمان في حالات أخرى من سرطان الدم. ما يعزز جاذبية هذا العلاج هو أنه لا يتسبب في تثبيط دائم للمناعة، بخلاف بعض العلاجات المناعية المتطورة مثل CAR-T، إذ تستأنف الخلايا البائية الطبيعية نموها بعد توقف العلاج، مما يحافظ على الجهاز المناعي في حالة توازن واستعداد دائم.
هذا التطور العلمي يفتح آفاقًا جديدة لعلاج سرطان الطفولة الأكثر شيوعًا، ويوفر بارقة أمل للمرضى وأسرهم في الحصول على علاج أكثر لطفًا وأكثر فعالية.