شهد المغرب صيفاً استثنائياً، حيث ضربت موجات الحر مختلف المناطق، محطمة الأرقام القياسية في درجات الحرارة. هذه الظاهرة، التي باتت تتكرر بشكل متزايد، لم تعد مجرد حدث عابر، بل أصبحت دليلاً واضحاً على التغيرات المناخية التي يشهدها كوكبنا.
يربط الخبراء بين هذه الموجات الحارقة وبين ظاهرة الاحتباس الحراري، التي تسببت في ارتفاع حرارة الأرض بشكل غير مسبوق. فارتفاع تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي يؤدي إلى احتباس الحرارة، مما يرفع درجات الحرارة العالمية ويؤدي إلى تغيرات مناخية متطرفة مثل موجات الحر والجفاف والفيضانات.
لم تقتصر آثار هذه الموجات الحارقة على ارتفاع درجات الحرارة، بل امتدت لتؤثر على مختلف جوانب الحياة. فقد تأثر القطاع الزراعي بشكل كبير، حيث تسببت الحرارة الشديدة في جفاف التربة، وتلف المحاصيل، وانتشار الآفات والأمراض، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار المواد الغذائية. وتتفاقم موجات الحرارة الطويلة أيضا بسبب الظواهر التي يشهدها الغلاف الجوي، مثل أنظمة الضغط العالي المستمرة التي تحبس الهواء الساخن وتمنع حركة منظومات الطقس البارد.
ويشير العلماء أيضا بأصابع الاتهام إلى التعمير، حيث أن الأسطح الاسفلتية في المناطق الحضرية تمتص المزيد من الحرارة وتحتفظ بها، مما يؤدي إلى تفاقم تأثير الحرارة الحضرية، خاصة في الليل. وأبرز السيد عليبو، الذي يدرس في قسم الماء والبيئة والمناخ، أن موجات الحر تؤثر كذلك على الموارد المائية، حيث تزيد من تبخر مخزون المياه والأنهار والبحيرات، مما يقلل من احتياطيات المياه المتاحة للري وإمدادات مياه الشرب وغيرها من الاستخدامات. ونتيجة لذلك، يتأثر القطاع الفلاحي بشكل خاص بهذه التغيرات المناخية.
وسجل الخبير أن “موجات الحر الأخيرة أثرت على الفلاحة عبر زيادة الإجهاد المائي للمحاصيل، وتقليل خصوبة التربة وزيادة انتشار الآفات والأمراض النباتية، مما أدى إلى تفاقم الخسائر الفلاحية”. ووفقا له، فإن درجات الحرارة المفرطة يمكن أن تقلل أيضا من إنتاجية المحاصيل الحساسة للحرارة، مثل القمح والذرة والأرز، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية.
المصدر: Alalam24