شباب المغرب بين الإصلاح الداخلي وحرب الصفحات المجهولة

بقلم: إدريس زويني
 
يعيش المغرب اليوم لحظة دقيقة، عنوانها معركة مزدوجة: إصلاح داخلي صادق يطالب به شبابه بحب ومسؤولية، ويقظة وطنية في مواجهة حملات اختراق داخلية وخارجية تسعى إلى تحويل مطالب مشروعة إلى فوضى مفتعلة.
 
المطالب الداخلية: صوت حب للوطن
 
شباب المغرب لم يخرج إلى الشارع من فراغ. أصواتهم تعكس واقعا اجتماعيا ملموسا، وأوجاعا حقيقية يعرفها الجميع. لكن في عمقها، ليست هذه الاحتجاجات رفضا للوطن، بل صرخة حب ومسؤولية تطالب بتعليم يتساوى فيه ابن الحارس والوزير، وصحة تحفظ الكرامة، وعدالة اجتماعية تعيد التوازن.
إن مطالب الشباب ولاء للوطن لا عداء له، وإيمان بالمسار الإصلاحي تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ضامن وحدة المغرب واستقراره.
 
الخطر الداخلي والخارجي: الصفحات المسمومة
 
وسط هذا الحراك المشروع، برزت أياد داخلية تحاول الركوب عبر مطالب افتراضية لا علاقة لها بمطالب جيل Z وخارجية تحاول ركوب الموجة وتوجيهها نحو الفوضى.
صفحات رقمية مجهولة المصدر، موجهة من الجارة، تعمل على تأجيج الغضب ونشر خطاب الكراهية والتشكيك، مستهدفة الثقة بين الشعب ومؤسساته.
إنها حرب ناعمة تستهدف العقول قبل الحدود، وتعد أخطر من الرصاص، لأنها تسعى لتفكيك الجبهة الداخلية وإضعاف اللحمة الوطنية من الداخل.
 
موقف الدولة: حماية الحقوق والاستقرار
 
أكدت الحكومة المغربية أن الإصلاح ورش مفتوح لا تراجع عنه، وأن الحوار والإنصات هما السبيل الأمثل لامتصاص الغضب.
أما تدخل القوات العمومية فلم يكن إلا الخيار الأخير، وفي إطار القانون، لحماية النظام العام وضمان سلامة المواطنين وصون الممتلكات العامة والخاصة.
لكن من غير المنطقي أن تبقى القوات الأمنية وحدها في الواجهة، تواجه الغضب الذي ولدته السياسات العمومية الفاشلة المتعاقبة. فالوطن أولا، وحمايته مسؤولية مشتركة لا تقع على رجال الأمن وحدهم، بل أيضا على الوزراء، والبرلمانيين، والأحزاب، والنقابات، والمجتمع المدني.
الصمت في هذه المرحلة ليس حيادا بل تخاذلا.
 
الدرس المستفاد: الحرية والولاء جدار واحد
 
الخطر الحقيقي لا يكمن في صوت الشارع المغربي، بل في محاولة اختراقه عبر صفحات مسمومة تستغل براءته.
فالحرية المسؤولة والولاء الصادق وجهان لقوة واحدة:
حرية ترفع صوت الشباب نحو إصلاح حقيقي،
وولاء يحمي الوطن من المؤامرات الخارجية.
إن شباب المغرب هم سور الوطن الأول. بإصرارهم على الإصلاح، ووعيهم بمكائد الخارج، وبتضامنهم مع قوات الأمن التي تؤدي واجبها، يؤكدون أن المستقبل لا يبنى إلا على ثلاثية راسخة:
إصلاح داخلي عادل، يقظة وطنية واعية، واستقرار وطني متين.
 
القانون فوق الجميع
 
أما أعمال الشغب، من إضرام للنار أو تخريبٍ للممتلكات العامة والخاصة أو رشقٍ بالحجارة والسرقة، فليست من مطالب الإصلاح في شيء، بل جرائم يعاقب عليها القانون، ولا تمت بصلة إلى روح الاحتجاج السلمي المسؤول الذي يعبّر عن ضمير الشباب المغربي الواعي.
 
يبقى شباب المغرب أمل الإصلاح ودرع الاستقرار، بشرط أن تبقى أصواتهم حرة ومسؤولة، تحب الوطن وتخدمه لا أن تستغل ضده. فالإصلاح الحقيقي لا يولد من الفوضى، بل من وعي وطني ناضج يعرف أن الحرية بدون ولاء، كالسفينة بلا بوصلة.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...