المرأة والسياسة.. من التهميش إلى التأثير

بقلم : سناء بنعجة

عرفت الحركة النسوية في المغرب تطورا ملحوظا منذ نشأتها، حيث لعبت دورًا مهما في النضال من أجل المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.

وتزامن هذا الحراك مع الإصلاحات السياسية التي عرفها المغرب، خاصة بعد دستور 2011 الذي نصّ على مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص. ساهمت الحركة النسوية في المطالبة بتعديل القوانين لتعزيز تمثيل المرأة في مراكز القرار السياسي والتشريعي.

ورغم تحقيق بعض المكتسبات، لا تزال المرأة المغربية تواجه عوائق اجتماعية وثقافية تعيق مشاركتها الفاعلة. وتُعد مقاربة النوع الاجتماعي إطارا استراتيجيا لمعالجة هذه التحديات وتحقيق التمكين الحقيقي للنساء.

كما تسعى الحركة إلى ضمان استدامة هذه المكتسبات وتفعيلها على أرض الواقع. بذلك، أصبحت الحركة النسوية فاعلًا محوريا في بناء مغرب أكثر عدالة وإنصافًا، رغم استمرار التحديات المرتبطة بتكريس الحقوق عمليا ، وقد عرفت الحركة النسائية المغربية تطورًا مرحليًا ارتبط بالسياقين المحلي والدولي، حيث بدأت في ظل مجتمع تقليدي يفرض أدوارًا محدودة للمرأة، ثم برزت مشاركتها في المقاومة ضد الاستعمار ما بين 1930 و1956، ضمن إطار الحركة الوطنية.

وبعد الاستقلال، بدأ العمل النسائي يتشكل من خلال جمعيات تابعة للأحزاب السياسية، دون استقلالية واضحة. لكن منذ سنة 1985، عرفت الحركة تحولًا نوعيًا تمثل في استقلالها عن الأحزاب وتركزها على قضايا التمييز ضد النساء والمطالبة بالمساواة والحقوق.

كما تأثرت الحركة بالتحولات الدولية، خاصة المؤتمرات الأممية، وبالتحولات المحلية المرتبطة بصعود المجتمع المدني، ما منحها أدوات ضغط جديدة. تطور خطاب الحركة من نخبوي إلى خطاب منفتح على النساء في وضعيات هشة، واستطاعت التأثير في السياسات العمومية من خلال دفع الدولة إلى تبني إصلاحات قانونية، مثل مدونة الأسرة، وفرض قضايا المساواة في الأجندة السياسية ،تعد المشاركة السياسية من الركائز الأساسية للديمقراطية، إذ لا يمكن تحقيق مواطنة حقيقية دون إشراك جميع فئات المجتمع، بما في ذلك النساء، في تدبير الشأن العام. ورغم أن المرأة المغربية حصلت على حقوقها السياسية بموجب دستور 1962 وما تلاه من تعديلات، إلا أن حضورها في مراكز القرار ظل محدودًا بسبب معيقات سوسيو ثقافية وهيمنة الثقافة الذكورية التي تختزل دورها في التصويت فقط.

وقد تطور العمل النسائي من الانخراط الحزبي إلى تأسيس جمعيات مستقلة دافعت عن قضايا المرأة، لا سيما منذ ثمانينات القرن الماضي، حيث ساهمت في التوعية والدفاع عن حقوق النساء، رغم تمركزها في النخبة الحضرية. وقد شكل دستور 2011 محطة مهمة بتكريسه مبدأ المساواة والمناصفة، وإنشاء هيئات لمكافحة التمييز، مع توسيع آليات المشاركة السياسية لتشمل تقديم الملتمسات والعرائض، ودعم أدوار الشباب والنساء والمعارضة. غير أن التحديات المرتبطة بتفعيل هذه المقتضيات وتجاوز الصور النمطية لا تزال قائمة، مما يتطلب إرادة سياسية قوية ومجهودات متواصلة لتحقيق التمكين الفعلي للمرأة في المجال السياسي ، تمثل المشاركة السياسية للمرأة المغربية أحد أعمدة تحقيق الديمقراطية ومقاربة النوع، غير أن حضورها ظل محدودًا بسبب عوامل ثقافية وهيمنة الذكورية على مراكز القرار. رغم الترسانة القانونية التي اعترفت للمرأة بحقوقها السياسية منذ أول دستور سنة 1962، لم يتحقق تمثيل فعلي للنساء إلا مع تبني نظام الكوطا واللائحة الوطنية سنة 2002، ما ساعد على رفع نسبتهن في البرلمان تدريجيًا. وقد شكل دستور 2011 محطة مفصلية في ترسيخ مقاربة النوع، إذ نص صراحة على مبدأ المساواة والمناصفة، وأحدث هيئة لمناهضة كل أشكال التمييز. كما تميز بدمج لغة التأنيث والاعتراف بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية للنساء، وكرس التزامات الدولة في حماية هذه الحقوق. ورغم هذا التقدم القانوني والمؤسساتي، تبقى الممارسة الفعلية للمساواة رهينة بتفعيل حقيقي على أرض الواقع، وتجاوز العقبات البنيوية والثقافية.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...