ندوة علمية بالقنيطرة تسلط الضوء على قانون العقوبات البديلة تمهيدًا لتطبيقه ابتداءً من غشت المقبل

احتضنت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، أمس الخميس 24 يوليوز، ندوة علمية هامة تحت عنوان “قانون العقوبات البديلة: غايات التشريع ومقومات التنزيل”، وذلك في إطار الدينامية التشريعية المتواصلة التي يشهدها المغرب، لا سيما مع اقتراب دخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ بداية من شهر غشت المقبل.

وقد شكّلت هذه الندوة محطة بارزة لتسليط الضوء على مستجدات السياسة الجنائية الوطنية، خصوصًا ما يرتبط منها بالحد من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، وتعزيز مقاربة الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم، في انسجام تام مع الفلسفة الجديدة للعقوبة التي تركز على الإصلاح عوض الاقتصار على الزجر.

اللقاء العلمي عرف مشاركة نخبة من القضاة والفاعلين في مجال العدالة، الذين ناقشوا بعمق مختلف أبعاد القانون الجديد، وأبرزوا أهميته وراهنيته، مع التركيز على الإشكاليات العملية التي قد تواجه النيابة العامة والجهاز القضائي عند تنزيل مقتضياته.

وفي تصريحه لجريدة “العالم24” ، صرح عبد الصديق فضيلات، النائب الأول لوكيل الملك، أن “الندوة تهدف إلى الإسهام في تفعيل القانون الجديد بأفضل طريقة ممكنة، من خلال استجلاء أبعاده القانونية والعملية، واستشراف الإشكالات التي قد تطرح أمام النيابة العامة والجهاز القضائي عند تنزيله، خاصة أن فلسفة هذا النص تنبني على تصور جديد للجزاء الجنائي، يوازن بين الردع والإصلاح”.

وأكد عبد الصديق أن المحكمة “منخرطة بشكل تام وفعلي في تنزيل مقتضيات القانون 43.22، بما يكرس التوجه العام للسياسة الجنائية الوطنية، والتي لم تعد تقتصر فقط على الصرامة في العقوبات، بل أصبحت تراهن أيضًا على الإصلاح والاحتواء وإعادة الإدماج، خاصة بالنسبة للمدانين لأول مرة”.

من ناحية أخرى، أكدت نعيمة اصديق، قاضية بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة أن الندوة تناولت بالتفصيل مفهوم العقوبات البديلة، وهي العقوبات التي يمكن الحكم بها في حق مرتكبي الجنح التي تقل عقوبتها عن خمس سنوات، كبديل للعقوبات السالبة للحرية، ومن بين هذه البدائل: العمل من أجل المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، والغرامات المالية.

وأكدت في حديثها، أن هذه العقوبات البديلة من شأنها الحد من اكتظاظ المؤسسات السجنية، وتقليص الآثار السلبية للسجن، خاصة على الأشخاص الذين ارتكبوا أفعالاً جرمية لأول مرة.

كما ثمّنت مبادرة المشرع المغربي في إقرار هذا القانون، واعتبروها خطوة إيجابية في اتجاه بناء عدالة جنائية حديثة وإنسانية، غير أن القانون استثنى بعض الجرائم الخطيرة من إمكانية الاستفادة من العقوبات البديلة، كما جاء في المادة 35، ومن بينها: الرشوة، الغدر، الاتجار الدولي في المخدرات، الجرائم الإرهابية، والاتجار بالبشر.

وختمت تصريحها، بالتأكيد على أهمية التكوين المستمر للقضاة وممثلي النيابة العامة، إلى جانب إعداد دليل عملي لتيسير حسن تطبيق هذا القانون على أرض الواقع، ابتداء من دخوله حيز التنفيذ في شهر غشت المقبل، بما يضمن عدالة ناجعة وإنسانية في الآن ذاته.

وبينما يستعد المغرب لتطبيق هذا النص القانوني في غضون أيام قليلة، تُراهن المؤسسات القضائية على استخلاص التوصيات العملية من مثل هذه اللقاءات، لتأمين تطبيق أمثل للقانون وتحقيق الغايات الكبرى التي سُطر من أجلها.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...