مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يتساءل الكثيرون عن تأثير الصيام على مرضى القولون العصبي، وما إذا كان الصيام يساعد في تحسين الأعراض أو يؤدي إلى تفاقمها. في حين أن بعض المرضى يشعرون بتحسن خلال فترة الصيام، إلا أن الأطباء يشددون على أهمية الانتظام في مواعيد الوجبات، حيث قد يؤدي تفويت الوجبات إلى زيادة حدة الأعراض لدى البعض.
وأظهرت الدراسات أن تأثير الصيام على القولون العصبي يختلف من شخص لآخر، وفقًا لنوع المرض وشدته. ويُعرف القولون العصبي بأنه اضطراب مزمن في الجهاز الهضمي يسبب تقلصات في البطن، والانتفاخ، والغازات، إضافة إلى تغيرات في عملية الإخراج، التي قد تختلف في شدتها وتأثيرها من مريض إلى آخر.
في بعض الحالات، يساعد الصيام في تقليل الأعراض، خصوصًا إذا كان تناول الطعام أحد العوامل المحفزة لتهيج القولون. ففترات الامتناع عن الطعام تمنح الجهاز الهضمي فرصة للراحة، مما قد يقلل من التقلصات والانتفاخ. لكن في المقابل، قد يؤدي تناول كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة بعد ساعات طويلة من الصيام إلى تفاقم الأعراض لدى بعض المرضى.
للصيام فوائد متعددة على صحة الجهاز الهضمي، حيث يعزز من نشاط مركب النزوح الحركي، وهو المسؤول عن تنظيف الأمعاء من الفضلات غير القابلة للهضم، مما يقلل من تراكم البكتيريا الضارة التي قد تسبب تهيج القولون. كما أن للصيام تأثيرًا مضادًا للالتهابات، حيث يساعد في تقليل الإجهاد التأكسدي، الذي يؤثر سلبًا على خلايا الجهاز الهضمي، ما قد يؤدي إلى تحسن الحالة الصحية لدى بعض المرضى.
مع ذلك، هناك بعض المخاطر التي قد تواجه مرضى القولون العصبي أثناء الصيام، مثل الشعور بالجوع لفترات طويلة، مما قد يحفز الأعراض، أو قلة تناول الأطعمة الغنية بالألياف والبروبيوتيك، الضرورية لصحة الجهاز الهضمي. لذا، قد يحتاج بعض المرضى إلى استخدام أدوية لتخفيف الأعراض، مثل مضادات التشنج لعلاج التقلصات، أو مضادات الإسهال والإمساك حسب الحاجة، بالإضافة إلى أدوية مهدئة للجهاز الهضمي.
وللحد من تفاقم الأعراض أثناء الصيام، ينصح بتجنب الأطعمة التي تحتوي على المحليات الصناعية مثل السوربيتول، وتقليل استهلاك المشروبات الغازية والقهوة، وتناول الطعام ببطء، بالإضافة إلى شرب كميات كافية من الماء. كما أن ممارسة التمارين الرياضية وتقنيات الاسترخاء مثل التأمل واليوغا يمكن أن تساعد في تقليل التوتر، الذي يعد من العوامل المحفزة لاضطرابات القولون العصبي.
رغم عدم وجود علاج نهائي لهذا المرض، إلا أن اتباع نظام غذائي متوازن، وتجنب العوامل المحفزة، يمكن أن يساعد في تخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة، سواء خلال شهر رمضان أو في أي وقت آخر.