للسنة الثانية على التوالي ، كورونا تغيب ملامح رمضان الاعتيادية لدى القطريين

إذا كان رمضان ، شهرالصيام والقيام ، تلتقي عند أجوائه الروحانية والاحتفالية كل الشعوب المسلمة ، فهو أيضا شهر يحفل بعادات وتقاليد ثابتة ، تميز البلدان عن بعضها البعض في مختلف تفاصيلها المرتبطة بيومياته .

وفي ظل فيروس كورونا المستجد ، الذي يجتاح العالم للسنة الثانية على التوالي ، ألقت تداعيات الجائحة بظلالها على أجواء رمضان ، ففرض العزل والاغلاق والتباعد الاجتماعي ، وأجهز على الكثير من مظاهره الاحتفالية التي تضفي طعما خاصا عليه .

والقطريون ، حالهم كحال كل المسلمين في العالم ، فقدوا أغلب الملامح التي اعتادوها في هذا الشهر الفضيل ، بعد أن أصدرت سلطات البلاد قيودا احترازية مشددة غداة حلوله ، في محاولة للحد من ارتفاع عدد الاصابات بالفيروس .

ورغم أن كورونا تسببت في الاستغناء عن جزء يسير من الطقوس الموروثة عن الأسلاف وأضحت ضمن المشهد الرمضاني، حرص القطريون ممارسة الممكن منها ، كتجديد لوازم المطبخ وقاعة الأكل، واقتناء الملابس التقليدية.

وضمن الطقوس التي لم تتمكن لا السنين ولا كورونا من اخفائها أيضا، اقتناء المصوغات الذهبية التراثية ، حيث أن أسواق المعدن الأصفر لم تفقد انتعاشها، واقتنت النساء منه ما يناسبها للزينة ، وأيضا الرجال لتقديمه كهدايا لزوجاتهم وأمهاتهم وبناتهم.

إلا أن الطلب لدى باعة الذهب يكثر على مصوغات تقليدية وأشكال بعينها، كأطقم المرية ، والهلالي ، وكرسي جابر، والمرتعشات ، والنكس ، والشميلات ، والشغاب ، والمراري وغيرها .

وأوضحت السيدة أ. وديان ، ربة بيت قطرية ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، بهذا الخصوص، أن ” الاختيار يكون أساسا على ما هو تقليدي وليس عصري ، انسجاما مع الأجواء التي تعيشها الأسر داخل البيوت بتفاصيلها الشعبية التقليدية في رمضان” .

وأشارت إلى أن القطريات ، من كل الأعمار، يحرصن على ارتداء “الجلابيات” التقليدية على اختلاف أنواعها ، لتتماشى مع المصوغات التراثية المزينة بالأحجار الملونة .

وكما لجميع الشعوب المسلمة أطباق خاصة بمائدة رمضان ، فكذا للقطريين أطباق تراثية يحفل بها المطبخ الشعبي أبرزها ، المرقوقة ، والثريد ، والشوربة ، والمحمر ، والمضروبة ، والبلاليط ، وكباب النخي ، والكواري ، والمزروعي والسبيعي ، فيما طبق الهريس الذي يعد من القمح واللحم ، وأيضا حلويات “اللقيمات” أو “لقمة القاضي” ، تشترك فيهما مع منطقة دول الخليج .

ووفق السيدة وديان ، فإن مائدة الافطار تنحصر على المطبخ القطري الأصيل بكل مكوناته ، وأطباقه الغنية ، إضافة إلى الحلويات المحلية التي تعدها النساء لهذه المناسبة.

ومن العادات التي يتميز بها المجتمع القطري في هذا الشهر الفضيل أيضا ، “الغبقة ” ، المستمدة من حياة البادية، وهي عبارة عن عشاء رمضاني يجتمع حوله أفراد الأسرة والأقارب والاصدقاء في تجسيد للتلاحم والتآزر.

وتقول السيدة وديان إن “الغبقة” لمة ضرورية لدى القطريين في رمضان ، تقيم فيها الأسر الولائم بالتناوب ، مباشرة بعد صلاة التراويح ، وتستمر اللمة إلى غاية السحور .

أما ليلة منتصف شهر رمضان ، تضيف السيدة وديان، فيخصص لها احتفال يسمى “القرنقعوه” ، تعد خلاله الأسر هدايا للأطفال ، تضم المكسرات والحلويات على اختلافها ، وكذا الألعاب.

يجوب الأطفال ،في هذه الليلة ، الأحياء وكل منهم يحمل “خريطة”، عبارة عن كيس من الثوب ، ويطرقون أبواب البيوت طلبا لهذه الهدايا ، وهم ينشدون (كرنكعوه كركاعوه، عطونا الله يعطيكم ، بيت مكة يوديكم، يا مكة يا المعمورة، يا أم السلاسل والذهب يانورة).

وتطورت في السنوات الاخيرة هدايا الاحتفال ب”القرنقعوه ” واتخذت أشكالا جديدة ، إذ أصبحت تقدم من خلال سلات أو صناديق خشبية مكتوب عليها “قرنقعوه” .

ويبرز ضمن التقاليد الرمضانية أيضا مدفع الإفطار ، الذي تعتبر قطر من الدول التي حافظت على استخدامه منذ عقود خلت ، يؤمن إطلاقه أفراد القوات المسلحة . وقبل موعد غروب الشمس ، يحتشد الكبار والأطفال حوله ، من أجل التقاط صور تذكارية ، وحضور لحظة إطلاقه إذانا بساعة الافطار .

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...