ارتفاع رسوم الماستر يهد..د مبدأ مجانية التعليم

أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إصلاحًا جذريًا في طريقة الولوج إلى سلك الماستر، منهية بذلك النظام التقليدي القائم على اجتياز مباريات كتابية وشفوية، واستبداله بآلية جديدة تعتمد بشكل حصري على دراسة الملفات.

هذا التوجه الجديد يمنح أفضلية مباشرة لحاملي شهادة الإجازة في “التميز”، كما يفرض على الموظفين والأجراء أداء رسوم مالية مرتفعة لمتابعة الدراسة في إطار ما يسمى بـ”الزمن الميسر”، مما أثار انتقادات واسعة نظرًا للأعباء المالية التي يشكلها هذا النظام الجديد على فئات الدخل المتوسط والضعيف، خاصة وأن رسوم التكوين في بعض المؤسسات الجامعية تجاوزت في السنوات السابقة القدرة المعيشية للكثيرين.

التحولات الجديدة التي أعلنتها الوزارة فجرت نقاشًا واسعًا في الأوساط المجتمعية، حيث عبّر عدد من الفاعلين السياسيين والحقوقيين عن تخوفهم من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تكريس التفاوتات الاجتماعية داخل الحرم الجامعي، متهمين الوزارة بإعادة إنتاج أشكال من التمييز من خلال تقنين الولوج بحسب القدرة على الأداء، في مساس واضح بمبدأ تكافؤ الفرص والمجانية في التعليم العمومي، وهي النقطة التي أثارت حفيظة عدد من الطلبة داخل مجموعات نقاش طلابية نشطة على منصات التواصل.

وفي تعليقه على هذا التحول، أشار عمر الشرقاوي، أستاذ القانون الدستوري، إلى أن الموسم الجامعي المقبل سيعرف تعميماً لصيغة “الزمن الميسر” بالنسبة للموظفين، مع الإبقاء على مجانية التكوين بالنسبة للطلبة، لافتًا إلى أن الوزارة تسعى إلى توسيع قاعدة المستفيدين من سلك الماستر، تماشيًا مع التصور الذي سبق لوزير التعليم العالي أن كشف عنه داخل قبة البرلمان حول اعتماد نظام “الولوج المفتوح”. كما أوضح أن لجان الانتقاء ستوكل للعمداء أو من ينوب عنهم، مع منحهم صلاحية تحديد المعايير، في محاولة للابتعاد عن تخصيص الشروط بشكل انتقائي.

أما نوفل البعمري، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، فقد وصف القرار بـ”التمييز الصريح”، معربًا عن رفضه لفكرة ربط التكوين بالقدرة المادية، ومعتبرًا أن العدل يكمن في فتح باب المنافسة أمام الجميع عبر مباريات شفافة، وفقًا للطاقة الاستيعابية، مع ضرورة تشديد الرقابة على الفساد داخل الجامعات.

في السياق ذاته، طُرحت تساؤلات حول مدى عدالة الفصل بين التعليم في “الزمن العادي” و”الزمن الميسر”، لا سيما حين لا يعكس دخل الموظف أو الأجير قدرته الحقيقية على تغطية الرسوم، نظراً لتعدد الالتزامات المعيشية والأسرية. وهو ما يجعل هذا النظام الجديد حكرًا فعليًا على من يملكون فائضًا ماليًا، ويحوّل النقاش من مجرد تنظيم زمني إلى تساؤل عميق حول من يتحمل تكلفة الحق في التعليم الجامعي.

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...