كلية الحقوق بسلا تحتضن ملتقى وطنيًا لبحث تحديات المالية العمومية في عالم متحول

احتضنت مدينة سلا، يومه الثلاثاء 20 ماي الجاري، لقاءً علميًا رفيع المستوى جمع أكاديميين وباحثين وخبراء، لتسليط الضوء على الإكراهات المتزايدة التي تواجه المالية العمومية في ظل عالم يشهد تحولات متسارعة.

وقد شكل هذا اللقاء، المنظم في إطار الملتقى الوطني الثاني للمالية العمومية تحت عنوان “المالية العمومية في عالم متحول”، مناسبة لمناقشة التحديات البنيوية والوظيفية لهذا المجال المعرفي متعدد الأبعاد، الذي يتداخل فيه الاقتصادي بالقانوني والاجتماعي.

وأكد المتدخلون أن التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية ترخي بظلالها على منظومة المالية العمومية، وتجعل من الضروري إعادة النظر في أدوار القرار المالي كوسيلة فعالة لمواجهة الأزمات والصدمات السياسية والاقتصادية، وبناء أرضية صلبة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.

وفي كلمته الافتتاحية، أشار مصطفى مشرفي، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، إلى أهمية النقاش الدائر حول إصلاح وتطوير المالية العمومية، لا سيما في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تفرضها العولمة على دول الجنوب، ما يستدعي إعادة هيكلة اقتصاداتها وبرامجها التنموية وفق شروط المنظمات الدولية. وأضاف أن التنمية تظل رهانا استراتيجيا لبلدان الجنوب، ولا يمكن فصلها عن التوازنات الماكرو-اقتصادية، مبرزًا دور المالية العمومية كأداة محورية في بلورة السياسات المالية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

من جهتها، شددت جميلة دليمي، الأستاذة الباحثة وعضو لجنة تنسيق الملتقى، على أن المالية العمومية أصبحت تحتل موقعًا مركزيًا في النقاش العمومي المرتبط بنجاعة الأداء الحكومي، وجودة الخدمات، وحكامة تدبير الموارد، إضافة إلى قدرتها على مجابهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية. واعتبرت أن هذا الحقل لم يعد يقتصر على أرقام وموازنات، بل أصبح فضاءً مركزيًا تتفاعل فيه الاعتبارات القانونية والاقتصادية والمحاسباتية مع رهانات التنمية، مشيرة إلى أن الملتقى يمثل فرصة ثمينة لتعميق الفهم حول سبل الحفاظ على الاستدامة المالية وتعزيز الحكامة في سياق عالمي متغير.

أما محمد بنحمو، رئيس شعبة القانون العام بالكلية نفسها، فقد أبرز الأهمية المتزايدة للمالية العمومية، معتبرًا أن تسارع التغيرات العالمية يفرض على صناع القرار مواجهة تحديات كبيرة من أجل صياغة سياسات مالية قادرة على الاستجابة للرهانات الراهنة والمستقبلية. ولفت إلى أن الآمال المعلقة على المالية العمومية اليوم توازي حجم الانتظارات والتحولات المجتمعية، ما يتطلب تجاوبًا سريعًا ومقاربة استباقية من لدن الفاعلين العموميين.

وفي نفس الإطار، أكدت نوال بهدين، مديرة مختبر الدراسات والأبحاث في القانون العام والعلوم السياسية، أن الظرفية الاقتصادية والمالية الحالية تفرض إعادة التفكير في أدوات وتصورات المالية العمومية. ودعت إلى اعتماد مقاربات مبتكرة وفتح المجال أمام العقول الخلاقة القادرة على طرح البدائل الفعالة، والانخراط في بناء منظومة مالية أكثر عدالة وشفافية ونجاعة. كما رأت أن الملتقى يشكل فضاءً حيًا للنقاش وتبادل الخبرات، ومجالًا لتكريس البحث العلمي وتوسيع دائرة الاهتمام العمومي بهذا القطاع الاستراتيجي.

ويتضمن برنامج الملتقى، المنظم على مدى يومين من طرف شعبة القانون العام ومختبر الدراسات والأبحاث في القانون العام والعلوم السياسية، أربع جلسات علمية وأربع ورشات متخصصة.

وتتمحور هذه اللقاءات حول مواضيع دقيقة من قبيل “صناعة التشريع المالي في ظل التحولات الدستورية وأدوار القضاء الدستوري”، و”تدويل المالية العمومية وإشكالية تدبير المخاطر في ظل التدبير العمومي الحديث وتطور وظيفة المحاسبة العمومية”.

كما يناقش المشاركون مستقبل المالية العمومية في ضوء تحولات الدولة ووظائفها، والتحديات المرتبطة بالرقمنة والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى دراسة إشكالات هذا المجال كما تطرحها أطروحات الدكتوراه، من خلال نموذج كلية سلا، في محاولة لإرساء أسس علمية صلبة لتطوير هذا الحقل الحيوي.

 

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...