الخضاضرة.. عندما يتماهى التاريخ مع التنمية في رؤية مستقبلية طموحة

في قلب جهة الرباط-سلا-القنيطرة، وبين تعرجات الماضي وتحديات الحاضر، تستعد “الخضاضرة” للانتقال من مرحلة عبور تاريخية إلى مرحلة الازدهار من خلال مشروع تنموي شامل يهدف إلى إعادة إحياء هذه المنطقة لتصبح مركزًا اقتصاديًا، سياحيًا، وثقافيًا حديثًا، فهذا التحول ليس مجرد تحسين للبنية التحتية، بل هو خطوة استراتيجية تهدف إلى استعادة هوية منطقة كانت شاهدة على تحولات كبرى في تاريخ المملكة.

الوكالة الحضرية القنيطرة سيدي قاسم سيدي سليمان تلعب دورًا محوريًا في إنجاح هذا المشروع التنموي، من خلال إشرافها وتنسيقها بين مختلف الأطراف المعنية، تساهم الوكالة الحضرية في وضع المخطط الحضري الشامل الذي يراعي التوازن بين الحفاظ على الهوية المعمارية والتاريخية للمنطقة وبين متطلبات التنمية الحديثة، كما توفرالدعم الفني والتخطيطي لضمان سير المشروع وفقًا للمساطر القانونية المعتمدة، مع الحفاظ على الجوانب البيئية والاجتماعية.

تعد “الخضاضرة” نقطة محورية في التاريخ المغربي، حيث كانت تشكل الحدود الفاصلة بين المناطق الخاضعة للاحتلال الفرنسي والإسباني في مرحلة الاستعمار، إلا أنه عقب الاستقلال، وبفضل توجيهات الملك محمد الخامس، تحولت المنطقة من حاجز إلى نقطة اتحاد بين الشرق والغرب المغربي. ومع مرور الوقت، ورغم ذلك التاريخ العريق، عانت المنطقة من الإهمال إلى أن أتى مشروع التطوير الأخير ليعيد إليها مكانتها.

يتضمن مشروع تطوير “الخضاضرة” رؤية طموحة ترتكز على دمج الجانب الاقتصادي بالبيئي والتاريخي، بما يضمن الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري، مع التركيز على تقديم بنية تحتية حديثة ومتطورة، حيث يشمل المشروع تحسين الطرق والبنية، كما سيتم إنشاء معبر فوق السكة الحديدية لربط المنطقتين المجاورتين بشكل أكثر كفاءة.

وتعتبر إعادة تأهيل “الإكس-دوَان” (الجمارك القديمة) من أبرز المحاور في المشروع، حيث سيتم تحويله إلى مركز ثقافي وتاريخي يعكس ثراء تاريخ المنطقة. إضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء ساحة عامة حول المبنى، وتوفير مرافق حديثة مثل فضاءات عرض، مناطق ترفيهية، ومتحف يروي قصة “الخضاضرة” عبر العصور.

من خلال هذه الجهود التنسيقية، تساهم الوكالة الحضرية في ضمان تنفيذ مكونات المشروع مثل تحسين البنية التحتية، تجديد المعالم التاريخية مثل “الإكس-دوَان”، وتطوير المنطقة الاقتصادية والسياحية بحيث يصبح المشروع نموذجًا للتنمية المتكاملة والمستدامة.

ويُعتبر هذا المشروع نموذجًا للتنمية المستدامة، لا سيما مع إسهام الوكالة الحضرية في نجاحه، فمن خلال دورها الفاعل في تصميم مخطط التهيئة المعتمد، أصبحت الوكالة ركيزة أساسية في ضمان تنفيذه وفق معايير تضمن التكامل بين التطوير الحضري والمحافظة على التراث، فهي تساهم في التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك السلطات المحلية والهيئات المختصة، لضمان استدامة المشروع وملاءمته للاحتياجات المجتمعية والبيئية.

حيث لم يقتصر المشروع على الجانب العمراني فقط، بل يشمل أيضًا تطوير الحياة الاقتصادية من خلال إنشاء فضاءات لعرض وتسويق المنتجات المحلية، كما سيكون للسكان المحليين فرصة للاستفادة من هذه المساحات لعرض الحرف التقليدية والفخار، مما يعزز من فرص العمل والتنمية الاقتصادية في المنطقة.

علاوة على ذلك، يولي المشروع اهتمامًا خاصًا للجانب السياحي، من خلال إنشاء منطقة فندقية تتماشى مع الهوية المعمارية للمنطقة، إلى جانب مساحات خضراء ومرافق ترفيهية يروم جعل “الخضاضرة” وجهة سياحية رائدة تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، مع التركيز على السياحة المستدامة التي تحافظ على البيئة وتعزز من الوعي الثقافي والتاريخي.

المنطقة، التي تمتد على مساحة 32 هكتارًا، ستصبح بفضل هذا المشروع نموذجًا للتنمية المستدامة والمتكاملة، التي لا تقتصر على تحديث البنية التحتية بل تمتد إلى تجديد الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مما سيشكل علامة فارقة في تاريخ المنطقة لتصبح حلقة وصل بين الماضي العريق والمستقبل المزدهر.

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...