“من أجل رؤية مشتركة للوقاية من العـ..ـنف في أوساط الشباب” شعار المنتدى المحلي متعدد الفاعلين بحضور عواطف حيار

احتضنت مدينة فاس فعاليات المنتدى المحلي متعدد الفاعلين حول موضوع: “من أجل رؤية مشتركة للوقاية من العنف في أوساط الشباب”، وقد جائت كلمة عواطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة على الشكل الآتي:

 

بسم الله الرحمان الرحيم

حضرات السيدات والسادة

* أود بهذه المناسبة أن أتقدم بالشكر الجزيل لجمعية مواطن الشارع، على دعوة وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة للمشاركة في المنتدى المحلي “من أجل رؤية مشتركة للوقاية من العنف في أوساط الشباب”.
* كما أستغل هذه المناسبة للتنويه بمبادرة الجمعية لتوحيد الرؤى بين مختلف الفاعلين المحليين حول سبل الوقاية من العنف وتعزيز التعاون بين مختلف المؤسسات والهيئات التي تلعب دورا رئيسيا في حياة الشباب.
* هذا اللقاء يشكل مناسبة للتعبير المتجدد عن الإرادة والعزم على تكثيف الجهود بين مختلف المتدخلين من أجل النهوض بقضايا الطفولة والشباب، وتجسيدا لانخراط بلادنا إلى جانب المنتظم الدولي لتقصي أنجع السبل لتحقيق الحماية والرعاية للطفل في ظروف تحفظ كرامته، وتراعي خصوصية تكوينه، باعتباره النواة التي تحقق من خلالها المجتمعات طموحاتها وأهدافها التنموية.

 

حضرات السيدات والسادة

* إن الاهتمام بأوضاع الطفولة ببلادنا، يترجم العناية السامية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لقضايا الطفولة والشباب وجعلها محورية في برامج وأوراش تنمية بلادنا، والالتزام والانخراط الشخصي لصاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للامريم، رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل.
* لقد قطعت بلادنا خطوات مهمة في مجال النهوض بأوضاع الطفولة، بفضل الإجماع الوطني حول اهمية وراهنية هذا الموضوع، وانخراط كافة الفاعلين في هذا الورش الوطني، حيث تم جعل الطفولة أولوية في برامج جميع القطاعات المعنية، وتقوية الإطار القانوني لحماية الأطفال، من خلال إصدار مجموعة من القوانين الرامية إلى تعزيز حقوق الطفل، همت مجالات التكفل بالأطفال المحرومين من السند الاسري، والمساعدة الاجتماعية والمواكبة لتسجيل الطفل في الحالة المدنية كيفما كانت وضعيته الاجتماعية، وضمان حقوقه، إضافة إلى القوانين الهادفة إلى تعزيز حمايته ضد مختلف أشكال الإساءة، والعنف، والاستغلال، والإهمال.
* كما أن دستور المملكة أكد على حق الطفل في الحماية، كحق دستوري، وألزم الدولة بكل مكوناتها وأجهزتها، التنفيذية والتشريعية والقضائية، بالسعي لـ “توفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية…”.
* إن تدخلات الوزارة تندرج في سياق وطني، يرتكز على التوجيهات السامية لصاحب الجلالة، نصره الله، وياخذ بعين الاعتبار مخرجات النموذج التنموي الجديد، الذي يؤكد على ضرورة الاستثمار في الرأسمال البشري، تعزيز الصمود والإدماج، وكذا الورش الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، لا سيما التدابير الموجهة لتعزيز تمدرس الاطفال وللوقاية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، ومختلف التدابير الاجتماعية التي جاء بها البرنامج الحكومي 2021-2026 الذي يهدف إلى تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، من خلال مقاربات جديدة تعتبر الأسرة رافعة للتنمية وكذا أهداف التنمية المستدامة 2030.
* وهو ما تم تجسيده في إطار استراتيجية وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة 2022-2026،” جسر لإدماج اجتماعي مبتكر ومستدام “، والتي تتوخى بلورة رؤية جديدة لتدخلات القطب الاجتماعي، تراهن على تقوية الرابط الاجتماعي وضمان الكرامة، وتحقيق المساواة والاستدامة، وتعزيز قدرات الأسر والأفراد على الصمود، وذلك عبر هندسة اجتماعية جديدة و جيل جديد من المراكز والخدمات، تعتمد على القرب والرقمنة ومقاربة التنمية المستدامة، وتوفير حاضنات اجتماعية لإدماج الفئات الهشة، خاصة الشباب والأطفال وفق مسارات اجتماعية دامجة ومستدامة.

* تعتبر حماية الأطفال ضد مختلف أشكال العنف ونبذه، وتعزيز الوقاية، من أهم توجهات هذه الاستراتيجية، والتي تضم من بين أهم ركائزها، الركيزة المتعلقة ب “الأسرة ومنظومة القيم والاستدامة”، التي يتم تنزيلها من خلال أربعة مجالات للتدخل، تهم أساسا: النهوض بالأسرة كمنظومة للقيم والحقوق لكل افرادها بما فيهم الأطفال، تقوية إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة، والرابط الاجتماعي، ودعم الأشخاص المسنين وتعزيز المساواة.

كما عملت الوزارة تنفيذا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، على بلورة مقترح لخلق الوكالة الوطنية لحماية الطفولة المحتاجة للرعاية وتشتغل الوزارة حاليا مع وزارة العدل ووزارة الشباب والنيابة العامة لبلورة مشروع مندمج لهذه الوكالة تحت اشراف رئاسة الحكومة.

تنفيذا للبرنامج الحكومي 2021-2026، وأخذا بعين الاعتبار تقييم البرنامج الوطني التنفيذي الأول للسياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة، وكل المستجدات الوطنية، عملت الوزارة على إعداد البرنامج الوطني التنفيذي الثاني للسياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة، والذي يستجيب للتحديات المطروحة للمساهمة في تحقيق الأوراش المهيكلة التي أطلقتها بلادنا.
* وتعتمد هيكلة البرنامج الوطني التنفيذي الثاني للسياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة، على محاور أساسية تتعلق ب:
– الوقاية، نظرا لأهميتها في تخفيض كلفة الحماية وتفادي كل أشكال العنف والتمييز ضد الأطفال؛
– الحماية، من خلال توسيع عرض الخدمات الاجتماعية لتحقيق العدالة المجالية، والحرص على إعطاء دفعة جديدة للجودة، مع ابتكار جيل جديد من الخدمات يأخذ بعين الاعتبار كل مراحل الطفولة؛
– التنمية الذاتية والترفيه، وذلك من أجل تحرير طاقات الطفولة الإبداعية، والتحضير إلى مرحلة ما بعد 18 سنة.

 

حضرات السيدات والسادة​

* عملت وزارة التضامن والادماج الاجتماعي والاسرة خلال الثلاث سنوات الماضية على التنزيل الترابي للسياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة عبر التفعيل الميداني وتعميم إحداث الأجهزة الترابية المندمجة لحماية الطفولة، الذي يشكل منظومة متكاملة للحماية، والإطار المؤسساتي الأمثل للتنسيق على المستوى الترابي.
* وتتولى هذه الأجهزة الترابية المندمجة تقديم خدمات نوعية سهلة الولوج للأطفال والأسر، أساسها رصد الأطفال في وضعية الشارع وضحايا العنف والاعتداء أو الإهمال أو الاستغلال والتبليغ عن هذه الحالات، وتوفير التكفل الملائم لهم، كما تهدف بشكل عام إلى تعزيز نظام حماية الطفولة على المستوى الإقليمي، والحماية القضائية، والتكفل والرعاية الصحية والنفسية، والمساعدة الاجتماعية، وإعادة التأهيل، والتعليم، والتدريب، والادماج الاجتماعي. كما تعمل اللجن الإقليمية لحماية الطفولة، باعتبارها أحد مكونات هذه الأجهزة، والتي يترأسها السادة العمال، على وضع إجراءات وبرامج خاصة بالوقاية من مختلف الظواهر، خاصة العنف بكل أشكاله، في إطار خطط العمل الإقليمية لحماية الطفولة.
* وتستهدف هذه الأجهزة جميع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، والذين يقعون ضحايا سوء المعاملة، أو العنف، أو الاستغلال، أو الإهمال، والأطفال المعرضين للخطر.
* حيث تم في هذا الصدد :
– إحداث 81 لجنة إقليمية لحماية الطفولة” تتكلف بوضع خطط عمل إقليمية لحماية الطفولة، يترأسها السادة العمال، وتضم في عضويتها ممثلي مصالح الدولة اللاممركزة المعنية بالطفولة داخل كل إقليم؛
– تعميم إحداث “مراكز المواكبة لحماية الطفولة” بجميع الأقاليم، بتنسيق مع التعاون الوطني، تسهر على تقديم خدمات المساعدة الاجتماعية وتنسيق خدمات الحماية للأطفال والأسر، من خلال الاستقبال والتشخيص والتوجيه للمصالح المعنية، ومواكبة الأطفال، بالإضافة إلى التوعية والتحسيس بمناهضة العنف بمختلف أشكاله، وسبل الوقاية منه؛
– وضع برنامج للتكوين في مجال حماية الطفولة لفائدة العاملين الاجتماعين وأعضاء اللجن الإقليمية لحماية الطفولة؛
– وضع منظومة معلوماتية إقليمية لتتبع الطفل داخل مدار الحماية؛
– تنظيم لقاءات تواصلية حول الأجهزة الترابية المندمجة لحماية الطفولة” لفائدة المتدخلين بعدة أقاليم.
– تعميم وحدات حماية الطفولة بشراكة مع المجتمع المدني بجميع جهات المملكة والتي تعمل بالتنسيق مع مراكز المواكبة لحماية الطفولة على الاستقبال والاستماع وتقديم خدمات المساعدة الاجتماعية للأطفال في حاجة للحماية، بالإضافة إلى التوعية والتحسيس بمناهضة العنف بمختلف أشكاله، وسبل الوقاية منه.

* وفي سبيل تعزيز التنسيق على المستوى الترابي، أعدت الوزارة بشراكة مع رئاسة النيابة العامة، وبتشاور مع مختلف المتدخلين، “البروتوكول الترابي للتكفل بالأطفال في وضعية هشاشة”، توج بالتوقيع على اتفاقية الشراكة المتعلقة بتنزيله، بتاريخ 27 ماي 2024.
* ويهدف هذا البروتوكول إلى توحيد عمل كافة المتدخلين في مجال الطفولة، وتعزيز التنسيق بينهم من أجل الارتقاء بالوقاية والتكفل بالأطفال في وضعية هشاشة، عبر إعداد وثيقة مرجعية ترسم معالم مسار التكفل بالأطفال، تحدد مهام ومسؤولية كل متدخل على حدة، كما تحدد الخدمات النموذجية الواجب توفيرها لكل طفل حسب وضعيته.
* وتعد مرحلة التدخل الوقائي في هذا البرتوكول، مرحلة أساسية لما لها من أهمية في الحيلولة دون وصول الطفل إلى حالة الهشاشة القصوى، التي قد تجعله محط تدخل قضائي لحمايته، وذلك من خلال تكاثف الجهود للقيام بما يلزم لوقاية الطفل من كل ما من شأنه أن يعرضه للخطر عبر مستويين:
– مستوى الوقاية الأولية، من خلال وضع وتنفيذ، ودعم البرامج التي تضمن استقرار الطفل داخل محيطه الأسري، ونموه، ورفاهه، عبر برامج اجتماعية واقتصادية وغيرها، موجهة لكل من الأسرة والطفل؛
– مستوى الوقاية المتقدمة، التي تهدف إلى التدخل الاستباقي لفائدة الأطفال في وضعية هشاشة أو خطر، من خلال خدمات تقدم من طرف مجموعة من المتدخلين، وفق مسار محدد، يبتدئ من الرصد إلى اتخاذ التدبير الوقائي المناسب، والتأهيل، والتتبع، والإدماج. وتقوم مراكز المواكبة لحماية الطفولة بدور مهم في المواكبة والتتبع على طول هذا المسار، بتنسيق مع اللجن الإقليمية لحماية الطفولة.
* وفي مجال تعزيز الصحة النفسية للأطفال، انخرطت وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في الورش الذي يقوده المرصد الوطني لحقوق الطفل، والذي تجسد من خلال توقيع اتفاقية الشراكة بين الوزارة والمرصد الوطني لحقوق الطفل ومجموعة من القطاعات، يوم 25 ماي 2024، حول موضوع تعزيز آلية التكفل النفسي بالصدمات النفسية لدى الأطفال، خاصة عبر تعزيز الوقاية ضد المخاطر الاجتماعية، لا سيما الصحة النفسية للطفل، وهو ما تم أخذه بعين الاعتبار في التوجهات الكبرى للبرنامج الوطني التنفيذي الثاني للسياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة.

حضرات السيدات والسادة
* اعتبارا لكون الأسرة هي المكان الطبيعي للطفل، حيث يشكل نموه في بيئة أسرية صحية درعا واقيا له من مجموعة من الظواهر السلبية في الحاضر والمستقبل، عملت الوزارة على بلورة سياسة أسرية اجتماعية داعمة للحقوق: تمكن من تعزيز صمود الأسر، عبر تعزيز القدرات والادماج الاجتماعي والتمكين الاقتصادي، لمواجهة المخاطر الاجتماعية، بما في ذلك المخاطر التي يتعرض لها الأطفال، وهي سياسة داعمة للمساواة وتكافؤ الفرص، وميسرة للإدماج الاجتماعي للفئات في وضعية هشاشة، ومقوية للروابط الاجتماعية ولقدرة الأسر على التحمل في مواجهة التحولات والتغيرات الاقتصادية والبيئية والثقافية.
* كما عملت الوزارة على اطلاق جيل جديد من الخدمات الموجهة للأسر عبر برنامج “جسر الأسرة” ، بشراكة مع المجتمع المدني وباقي الشركاء، كخدمات الوالدية الإيجابية، والوساطة الأسرية، والإرشاد الأسري، وبرامج التمكين الاقتصادي للأسر وللنساء.
حضرات السيدات والسادة
* إن معالجة قضايا الأطفال والوقاية من العنف في أوساط الشباب، هو شأن مجتمعي، ومسؤولية الجميع كل من موقعه : الاسرة، الحضانة، المدرسة، الجامعة ومراكز البحث، المؤسسات الاجتماعية، الإعلام، الفاعلين والجماعات الترابية، وغيرهم من المتدخلين؛ مما يتطلب تعزيز العمل المشترك، والتشاور، وتقاسم الخبرات والتجارب.
* إن وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، تؤكد على انخراطها التام، وانفتاحها المتواصل على جميع الشركاء الوطنيين والدوليين، من أجل المساهمة في إنجاح الأوراش التي اطلقتها بلادنا للنهوض بحقوق الأطفال والشباب وحمايتها، تحت القيادة السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.
وفي الختام، أتمنى لأشغال هذا اللقاء كامل النجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...