في خطوة تعكس الالتزام الراسخ بمواجهة الظواهر الاجتماعية المقلقة، احتضنت قاعة الاجتماعات بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، يوم الخميس 25 شتنبر 2025، لقاءً محورياً نظمته اللجنة الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، تمحور حول شعار: “تطويق ظاهرة الهدر المدرسي: الالتزامات والتحديات”.
وقد شكّل هذا الاجتماع مناسبة لتسليط الضوء على العلاقة الوثيقة بين محاربة العنف ضد النساء والأطفال وضمان استمرارية التعليم، باعتباره حقاً أساسياً وحصناً منيعاً ضد الهشاشة والانحراف.
شهد اللقاء حضوراً وازناً لممثلي مختلف المؤسسات، حيث افتُتحت أشغاله بكلمة ترحيبية للنائب الأول للوكيل العام للملك، لتتوالى بعدها مداخلات أعضاء الخلية الجهوية للتكفل بالنساء والأطفال، ورؤساء اللجان المحلية بالمحاكم التابعة للدائرة القضائية. كما ساهم في النقاش ممثلو قطاع التعليم، وولاية أمن القنيطرة، والقيادة الجهوية للدرك الملكي، والمندوب الإقليمي للتعاون الوطني، في مشهد يجسد المقاربة التشاركية المعتمدة لمواجهة هذه الظاهرة المعقدة.
ويأتي هذا الاجتماع في سياق تفعيل مقتضيات إعلان مراكش 2020، الذي أرسى أسس تعاون مؤسساتي لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات.
وفي هذا الإطار، تبرز أهمية اتفاقية إطار للشراكة والتعاون، الموقعة بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، ورئاسة النيابة العامة، والتي تُعد خارطة طريق عملية لتكريس إلزامية التعليم الأساسي والحد من الهدر المدرسي.
وتنص الاتفاقية على التزامات دقيقة، حيث تتكفل وزارة التربية الوطنية بتكثيف حملات التحسيس والتعبئة، وإحالة قوائم الأطفال المنقطعين عن الدراسة إلى النيابة العامة، مع توفير حلول بديلة لإدماجهم في مسارات تعليمية مناسبة. وفي المقابل، تضطلع رئاسة النيابة العامة بمتابعة هذه الحالات، وتفعيل آليات الحماية القانونية، خصوصاً في حالات العنف أو الإهمال الأسري، فضلاً عن معالجة الإشكالات المرتبطة بالحالة المدنية التي قد تعيق تمدرس الأطفال.
ولضمان الاستمرارية والنجاعة، نصّت الاتفاقية كذلك على إحداث لجنة مركزية مشتركة بين الطرفين، تُعنى بتقييم البرامج وتحديد التوجهات المستقبلية، مع تقديم تقرير سنوي يُمكّن من المتابعة الدقيقة لتنفيذ الالتزامات.
وبهذا، يُشكّل اللقاء الذي انعقد بالقنيطرة لبنة جديدة ضمن ورش وطني استراتيجي، يربط بين الحق في التعليم والحماية الاجتماعية، ويؤكد أن مواجهة الهدر المدرسي مسؤولية جماعية، تتقاطع فيها أدوار الدولة والمجتمع من أجل بناء جيل محصّن ومؤهّل لمستقبل أفضل.