عندما تنطق الأغنية بالحقيقة… “يا وليدي” تكشف الاعتراف الجزائري الضمني بمغربية الصحراء!

في ظاهرة تتكرر بشكل مثير للاستغراب، سارعت بعض الحسابات الجزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى نسب أغنية “يا وليدي” للفنانة المغربية جيلان إلى التراث الجزائري، في مشهد يعيد إلى الأذهان سلسلة طويلة من محاولات الاستحواذ على عناصر من الثقافة المغربية: من الأزياء والمأكولات، إلى الموسيقى والرقصات.

لكن ما لا يمكن القفز عليه هذه المرة هو أن أغنية “يا وليدي” تقولها صراحة: “وراها ديالنا الصحراء مغربية”، كلمات واضحة لا تقبل التأويل، وتعبّر عن موقف شعبي وفني وسيادي لا لبس فيه، فكيف يُعقل أن تُنسب أغنية تحمل في طيّاتها تأكيداً مباشرًا على مغربية الصحراء إلى بلدٍ لا يريد الاعتراف بهذه الحقيقة؟

ليس الأمر مجرد التباس عابر أو زلة عفوية، بل يُجسّد نمطًا متكرّرًا من محاولات ممنهجة لطمس الفوارق بين الهويتين الثقافيتين، من خلال سعي مستمر لإعادة تصدير الإبداع المغربي في قالب جزائري. إلا أن هذه المحاولات، ورغم ما تحشده من تكرار وانتشار، تنهار سريعًا أمام الحقيقة الجليّة التي تنطق بها الكلمات، وتُثبتها اللهجة، وتؤكدها الإشارات الجغرافية الدقيقة، والتي لا يمكن تحريفها أو تغليفها مهما تم تداولها عبر “ريلز” أو “ستوري” أو تدوينات موجّهة.

وتكشف هذه الواقعة، كما غيرها، عن مفارقة ثقافية وسياسية في الوقت ذاته: ففي الوقت الذي ترفض فيه الآلة الرسمية الجزائرية الاعتراف بمغربية الصحراء، نجد بعض الأفراد من الشعب الجزائري يتداولون أغنية تمجّد هذه المغربية، ويُقرّون ضمنياً بما تُنكره حكومتهم.

فهل أصبحت النجاحات المغربية تُحرج بعض الأصوات في الجزائر إلى درجة السعي لتملكها عنوة؟ وأين هو التراث الجزائري الحقيقي، الذي يُفترض أن يكون غنياً بما يغنيهم عن مصادرة منجزات الغير؟

إن مثل هذه الممارسات لا تعبّر إلا عن هوس مرضي بملاحقة المغرب ثقافياً وفنياً، وهي في جوهرها اعتراف غير مباشر بتفوّق المدرسة المغربية في إنتاج الإبداع الأصيل والمتجدد، في مقابل ضبابية بوصلة الهوية الثقافية لدى من يحاولون تسويق أنفسهم عبر ما ينتجه غيرهم.

ويبقى الجمهور العربي والعالمي، كما هو الحال دائماً، أذكى من محاولات التزييف. فأغنية “يا وليدي” انتشرت باللهجة المغربية، وبلغتها الوجدانية، وبرسالتها الواضحة، ولم تحتج إلى وسطاء لتصل إلى قلوب الناس. بل إنها كشفت بما لا يدع مجالاً للشك أن الثقافة المغربية، حين تنجح، تصبح مرآةً للحق.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...