مع حلول موسم الصيف، وارتفاع درجات الحرارة، تبدأ أفواج المصطافين في ضالتوافد على الشواطئ الممتدة على طول السواحل المغربية، بحثًا عن الترفيه والاستجمام والهروب من لهيب المدن الداخلية، غير أن فرحة الاستجمام قد تتلاشى سريعًا أمام واقع مرافق عمومية غائبة أو متهالكة. وهنا سؤال استنكاري يفرض نفسه بإلحاح سنة 2025: هل يُعقل أن تظل شواطئ تستقبل الملايين سنويًا، دون مراحيض عمومية، أو حتى دوش بسيط للاغتسال من ماء البحر؟
مع بداية هذا الموسم الصيفي، عجّت مواقع التواصل الاجتماعي بشكاوى وتدوينات من مواطنين يقضون عطلتهم الصيفية في شواطئ مختلفة، توحدهم مرارة التجربة وسؤال محير: “أين هي المرافق الضرورية؟”
ففي الوقت الذي يشهد فيه المغرب تقدمًا في مجالات البنية التحتية، والترويج السياحي، وتحديث الفضاءات العمومية، لا يزال عدد من الشواطئ يفتقر لأبسط المرافق الأساسية، وعلى رأسها المراحيض العمومية وأماكن الاستحمام، وهي مرافق ليست من الكماليات، بل من الضروريات التي تندرج ضمن شروط الصحة العامة والكرامة الإنسانية.
تُخصص ميزانيات ضخمة في إطار برامج “تهيئة الشواطئ” و”الاستعداد لموسم الاصطياف”، وتُنصب أعمدة الأعلام الزرقاء، وتُرصّف الأرصفة وتُطلى الجدران، لكن ما فائدة التجميل الخارجي، إذا لم تُواكبه خدمات حقيقية يستفيد منها المواطن؟ أين يذهب الأطفال والنساء لقضاء حاجاتهم؟ أين يغتسل السائح الداخلي أو الأجنبي بعد السباحة؟
الواقع أن المفارقة تكمن في الاهتمام بالشكل دون المضمون، ما يُحوّل زيارة البحر إلى تجربة غير مريحة، بل أحيانًا مزعجة.
هل من المعقول أن تمر ميزانيات المواسم الصيفية دون تخصيص اعتمادات لمرافق لا يتجاوز ثمن تجهيزها في بعض الحالات بضع عشرات الآلاف من الدراهم؟
الوقت لم يعد يسمح بالتأجيل أو التسويف،الجهات المسؤولة مطالبة، كلّ في نطاق اختصاصه، بالتحقق من واقع الشواطئ، ومقارنة التصريحات بالمعاينات الميدانية، فما يُنشر على شبكات التواصل الاجتماعي ليس بالضرورة “مبالغات” أو “حملات موسمية”، بل قد يكون في كثير من الأحيان صرخة مواطن بسيط لم يجد ما يغتسل به بعد السباحة.
البحر ليس فقط جمال الطبيعة ومشهد الغروب، الشاطئ مجال عمومي مشترك، يجب أن تتوفر فيه شروط الراحة والنظافة، وما لم يتم الاعتراف بذلك، فسيظل السؤال مطروحًا، عامًا بعد عام، بألم واستهجان: هل يُعقل أن تكون لدينا شواطئ في 2025… بدون مرحاض؟