تقنية متطورة تدخل مستشفيات المغرب لتسريع علاج الأمراض الوراثية

في خطوة غير مسبوقة على صعيد القارة الإفريقية، أعلنت مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة عن إدخال تقنية التشخيص السريع لتسلسل الجينوم الكامل (R-WGS) إلى مركزها للطب الدقيق بالرباط، وهي مبادرة من شأنها إحداث تحوّل جذري في الخدمات الصحية المقدمة للمرضى.

ويعد هذا الإنجاز، الذي تم تحقيقه عبر مركز محمد السادس للبحث والابتكار التابع للمؤسسة، ثمرة رؤية استراتيجية تستهدف تمكين الكفاءات الوطنية من التحكم الكامل في مراحل التحليل الجيني، بدءاً من استخراج الحمض النووي إلى إصدار التقرير الطبي النهائي، دون الحاجة إلى إرسال العينات خارج البلاد كما كان معمولاً به سابقاً.

وبحسب ما ورد في بلاغ صادر عن المؤسسة، فإن هذه التقنية المتطورة تتيح تحليل الجينوم البشري بدقة عالية وفي ظرف زمني لا يتجاوز عشرة أيام، مقارنة بفترات الانتظار التي كانت تمتد لعدة أشهر عند الاعتماد على المختبرات الأجنبية، وهو ما يضع حداً لمعاناة الكثير من المرضى الذين كانت حالتهم تتطلب تشخيصاً عاجلاً. ولأول مرة، يتوفر بالمغرب هذا النوع من الاختبارات الجينية المتقدمة، التي لم تكن في السابق إلا في متناول مؤسسات طبية دولية، بتكلفة باهظة كانت تحول دون استفادة المرضى المغاربة منها، خاصة في الحالات المستعجلة التي يصبح فيها الوقت عاملاً حاسماً.

ويعتمد هذا النظام على نموذج تشغيلي متكامل يرتكز على خبرات وطنية متمرسة، تم تكوينها وفق معايير دولية صارمة، وتعمل ضمن بيئة مدعومة بأحدث التقنيات الجينية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ما يتيح ربط النتائج البيولوجية بالواقع السريري للمريض بشكل مباشر، ويعزز من جودة التحليل وسرعة اتخاذ القرار العلاجي المناسب. ويكتسب هذا التمشي بعداً إضافياً في حالات معينة مثل العناية المركزة لحديثي الولادة، حيث يمكن لهذا التشخيص أن يُحدث فرقاً حقيقياً في إنقاذ الحياة من خلال الكشف السريع عن الأمراض الوراثية الحرجة.

وتوضحت المؤسسة أن القدرة التشغيلية الأولية لهذه التقنية تسمح بتحليل مئات الجينومات سنوياً، ما يجعل مركز الطب الدقيق مرجعاً وطنياً في هذا المجال، مع إمكانية رفع هذه القدرة تدريجياً لتلبية الطلب المتزايد والانفتاح على شراكات إقليمية ودولية. وتطمح المؤسسة إلى إدماج هذا الابتكار ضمن المسارات العلاجية الرسمية في المستشفيات المغربية، في إطار تعزيز السيادة الصحية الوطنية وضمان عدالة الولوج إلى الخدمات الطبية المتقدمة.

ويؤكد البلاغ أن هذا التوجه سيحظى بدعم من الجهات المختصة، من بينها السلطات الصحية ومؤسسات التأمين، لضمان استمرارية الخدمة وتكفلها ضمن تغطية صحية موسعة. كما أن المشروع ينسجم مع رؤية المغرب لتبوؤ مكانة ريادية في علم الجينوم بالقارة الإفريقية، من خلال دعم البحث والابتكار الطبي وربطها بالتطبيق العملي الموجه للمريض المغربي.

ويُنتظر أن يشمل هذا الانتشار التدريجي مجموعة واسعة من التخصصات، تشمل طب الأطفال وحديثي الولادة، وطب الأعصاب، وأمراض القلب، والأورام، وأمراض الدم، والطب الباطني، وطب الكلى، وأمراض النساء، والمناعة السريرية، وغيرها، مما يمهد لتجربة طبية متكاملة تُزاوج بين التقدم التكنولوجي والتشخيص الدقيق في خدمة الإنسان.

 

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...