التقدم في العمر هو حقيقة لا مفر منها، لكنه يختلف من شخص لآخر حسب مجموعة من العوامل التي تؤثر على صحتنا الجسدية والمعرفية. من بين هذه العوامل، تعتبر خياراتنا الغذائية من أبرز المؤثرات. تشير أبحاث حديثة إلى أن بعض الأطعمة قد تسرع عملية الشيخوخة على مستوى خلايا الجسم وتؤثر بشكل سلبي على صحة الدماغ.
أحد أنواع الطعام التي ثبت أنها تساهم في تسريع الشيخوخة هي الأطعمة فائقة المعالجة. هذه الأطعمة، التي يتم تعديلها بشكل كبير عن شكلها الأصلي، غالبًا ما تحتوي على كميات كبيرة من السكريات المضافة، الدهون غير الصحية، والإضافات الصناعية.
وتشمل هذه الأطعمة الوجبات الخفيفة المعلبة، المشروبات السكرية، النودلز سريعة التحضير، والوجبات الجاهزة. وفقا لدراسات نشرت في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية، أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتناولون كميات كبيرة من هذه الأطعمة يواجهون شيخوخة بيولوجية أسرع من أولئك الذين يعتمدون على أنظمة غذائية صحية. كما أن دراسة أخرى نشرت في مجلة “JAMA Neurology” رصدت تأثير هذه الأطعمة على تدهور الدماغ، وأظهرت أن الأشخاص الذين يتناولون كميات أكبر من الأطعمة فائقة المعالجة يعانون من تدهور معرفي أسرع بنسبة تصل إلى 28٪.
من ناحية أخرى، تشير الدراسات إلى أن استهلاك الأطعمة والمشروبات السكرية قد يكون له تأثير ضار على الشيخوخة. هذه المشروبات، بما في ذلك الصودا، عصائر الفاكهة غير الطبيعية، والمشروبات المحلاة بالسكر، ترتبط بمجموعة من المشكلات الصحية مثل السمنة، السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب. كما أظهرت الدراسات أن المشروبات السكرية تساهم في تسريع فقدان التيلوميرات، وهي الأغطية الواقية للحمض النووي التي تحمي خلايانا من الشيخوخة. وارتبط استهلاك هذه المشروبات أيضًا بزيادة خطر الإصابة بالخرف، حيث تشير الدراسات إلى أن هذه المشروبات تساهم في حدوث التهابات وإجهاد تأكسدي في الجسم، مما يعزز شيخوخة الدماغ.
أما الكحول، فقد ثبت هو الآخر أنه يؤدي إلى تسريع شيخوخة الدماغ. أظهرت الأبحاث أن الاستهلاك المستمر للكحول يساهم في تدهور الوظائف المعرفية ويسرع الشيخوخة البيولوجية. الإفراط في تناول الكحول يمكن أن يؤدي إلى فقدان مؤقت للذاكرة والصداع المستمر، وهو ما يعكس التأثيرات السلبية على الدماغ.
من خلال هذه الأبحاث، يتضح أن التغييرات في نمط الحياة الغذائي يمكن أن يكون لها تأثير كبير في عملية الشيخوخة، سواء على مستوى الجسم أو الدماغ.