يعد صيام شهر رمضان خلال فترة الحمل موضوعًا مثيرًا للنقاش بين الخبراء، إذ تتباين الآراء العلمية حول تأثيره على صحة الأم والجنين. رغم تعدد الدراسات، لم يتم التوصل إلى إجماع علمي حاسم بشأن انعكاسات الصيام على الحمل، مما يجعل التوصيات الطبية غير موحدة في هذا الشأن.
أشارت دراسة حديثة صادرة عن جامعة أولد دومينون إلى أن الأبحاث لم تقدم دليلًا قاطعًا حول تأثير الصيام على نتائج الحمل والولادة، بينما أظهرت بعض الدراسات السابقة احتمالية وجود تأثيرات سلبية في بعض الحالات.
على سبيل المثال، توصلت دراسة نُشرت في المجلة الأميركية لأمراض النساء والتوليد إلى أن الصيام قد لا يؤثر بشكل كبير على وزن المولود أو احتمال الولادة المبكرة، لكنه قد يزيد من إجهاد الأم، ويرفع من خطر الجفاف، إضافة إلى تقليل مستويات السائل الأمينوسي الضروري لنمو الجنين.
وفي دراسة مغربية، تبين أن صيام المرأة خلال الأشهر الأخيرة من الحمل قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول في اللبأ، مما قد يكون له تأثير على التوازن الهرموني للرضيع بعد الولادة. أما بالنسبة للنساء الحوامل المصابات بداء السكري، فقد أظهرت دراسة أسترالية أن الصيام قد يؤدي إلى تقلبات حادة في مستويات السكر في الدم، مما يزيد من خطر التعرض لمضاعفات صحية خطيرة.
من الناحية العملية، ينصح الأطباء النساء الحوامل اللواتي يتمتعن بصحة جيدة بالالتزام بإرشادات غذائية أثناء الصيام، مثل تناول وجبة سحور متكاملة غنية بالبروتينات والألياف، وشرب كميات كافية من السوائل، وتجنب الأطعمة الدسمة والمقلية، والحرص على الحصول على الراحة الكافية. ومع ذلك، يجب على الحامل التوقف عن الصيام فورًا إذا شعرت بالدوار الشديد، أو عانت من قيء مستمر، أو لاحظت تغيرًا في حركة الجنين.
في بعض الحالات، يكون الإفطار ضروريًا لحماية صحة الأم والجنين، مثل التعرض للجفاف، أو الإصابة بانخفاض شديد في ضغط الدم، أو وجود أمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم والسكري، أو ضعف نمو الجنين وفقًا للفحوص الطبية.
ونظرًا لاختلاف استجابة كل امرأة للحمل والصيام، يبقى القرار شخصيًا يعتمد على استشارة الطبيب المختص، الذي يمكنه تقييم الحالة الصحية بدقة. كما أن التعاليم الإسلامية تجيز للحامل الإفطار إذا كان الصيام يشكل خطرًا على صحتها أو صحة الجنين، وهو ما يجعل الاستماع إلى نصائح الأطباء أمرًا أساسيًا قبل اتخاذ القرار النهائي.