في مشهد لم يكن متوقعًا لمن اعتادوا الظلام، سقطت ورقة جديدة من شجرة الجريـ ـمة في مدينة القنيطرة، حيث لم تكن التفاصيل مجرد مصادفة عابرة في سجل الملاحقات الأمنية، بل شكلت ثمرة يقظة عيون لا تنام؛ وبفضل عمل استخباراتي دقيق للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، استطاعت الشرطة القضائية بولاية أمن القنيطرة، مساء أمس الإثنين الموافق لـ3 مارس الجاري، إحكام قبضتها على رجل في منتصف الثلاثينات وامرأة تقارب الأربعين، متورطين في ملف لا تقل خطورته عن قنبـ ـلة موقـ ـوتة تهدد استقرار الشباب والمجتمع بأسره.
جاءت لحظة الحسم وسط المدينة، حيث لم يترك رجال الأمن أي مجال للفرار أو المناورة، ففي ثوانٍ معدودة تحولت المساحة التي كان يظنها المشتبه فيهما آمنة إلى مسرح لعملية توقيف محكمة، كُشف فيها الستار عن 1080 قرصًا مهلـ ـوسًا، وهاتفين نقالين لم يعد لهما أي فائدة بعد سقوط أصحابهما، إلى جانب 4 غرامات من مخدر الكوكايين، الذي لطالما كان علامة فارقة في عالم الإدمـ ـان السريع والانحدار الحتمي.
لم تكن هذه العملية مجرد خبر عابر في قائمة الأحداث اليومية، بل هي ضربة قاصمة لشبكة من الأيادي الخفية التي تحاول التسلل إلى عقول الشباب وتحويل مستقبلهم إلى رماد، فالأقـ ـراص المهلـ ـوسة ليست مجرد حبوب صغيرة، بل شظايا مدمـ ـرة تنـ ـسف العقول وتجر أصحابها إلى عالم تتلاشى فيه الحدود بين الواقع والهلـ ـوسة، ليصبحوا مجرد بيادق في يد من يتاجرون بالبؤس والفوضى.
وبينما يتابع المحققون مجريات البحث القضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، يبقى السؤال مفتوحًا: إلى أي مدى كان هذا الثنائي جزءًا من شبكة أكبر؟ وما هي الامتدادات الحقيقية لهذا النشاط المحظور؟ التحقيقات ستكشف بلا شك عن المزيد، لكن الرسالة الواضحة قد وصلت: لا مكان للهروب، فالملاحقة مستمرة، والعدالة لا تغمض عينيها.
إنجاز جديد في معركة لا تهدأ ضد من يعبثون بحياة الآخرين، معركة تحسمها العيون الساهرة، والخطوات المدروسة، والضربات الاستباقية التي تكتب في سجل الأمان بأحرف من يقظة وحزم.