رأس السنة الأمازيغية.. احتفاء بالتاريخ والتراث الثقافي في المغرب

يمثل رأس السنة الأمازيغية، الذي يحل في 13 يناير من كل عام،  حدثًا بارزًا في الثقافة الأمازيغية، ومناسبة للاحتفاء بالتقاليد والتراث العريق، خاصة بعد الإقرار الملكي بجعله عطلة رسمية مؤدى عنها.

ويعكس هذا اليوم الغنى الثقافي والفني الذي يميز المجتمع الأمازيغي، ويبرز التنوع الذي يثري الهوية المغربية، القائمة على الانسجام بين مختلف مكوناتها.

التقويم الأمازيغي يمتد لأكثر من 2795 عامًا، ويرتبط بتقاليد فلاحية عريقة لدى الأمازيغ، وتختلف الروايات حول أصله، حيث تربط إحداها التقويم باحتفالات الفلاحين بزراعة أراضيهم، فيما تشير أخرى إلى ذكرى انتصار الملك الأمازيغي شيشنق على الفرعون رمسيس الثاني في معركة وقعت عام 950 قبل الميلاد.

استمرار الاحتفال بهذا اليوم لقرون طويلة يعكس عمق ارتباط الأمازيغ بتاريخهم وحضارتهم، التي تعود إلى عصور ما قبل الميلاد.

الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يتميز بتقاليد غنية تجمع بين الماضي والحاضر، و من أبرز مظاهر الاحتفال الرقص والغناء على إيقاعات “أحواش”، التي تعد من الفنون الأمازيغية التقليدية، وتحمل معاني اجتماعية وفكرية.

كما يُحضر الأمازيغ أطباقًا تقليدية مثل “تاكلا إيناير” أو عصيدة يناير، و”أوركيمن”، وهو خليط من الحبوب والقطاني، ما يعكس غنى المطبخ الأمازيغي وتقديره لما تجود به الأرض.

وفي هذا السياق، أوضح محيي الدين حجاج، رئيس جبهة العمل الأمازيغي، أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يعكس ارتباط المغاربة بأرضهم وثقافتهم، حيث تختلف طرق الاحتفال حسب الخصائص المحلية لكل منطقة.

وأضاف أن الجمعيات الأمازيغية ساهمت بشكل كبير في إبراز أهمية هذه المناسبة من خلال تنظيم أنشطة ثقافية وفكرية، إلى جانب الفعاليات الفلكلورية، ما يعزز من حضور الثقافة الأمازيغية في الذاكرة الوطنية.

كما أشار حجاج إلى أهمية الترافع من أجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، الذي نص عليه الدستور، داعيًا لتعزيز الجهود لاستكمال هذا المسار، وأشاد بالخطوات التي اتخذتها الحكومة الحالية، رغم التحديات الزمنية، مؤكداً على ضرورة مواصلة العمل لتمكين اللغة والثقافة الأمازيغية في مختلف مناحي الحياة.

في جنوب المغرب ومدنه الأخرى، تستعد العديد من الجمعيات والجهات المعنية لتنظيم تظاهرات فنية وثقافية احتفاءً بهذه المناسبة، لتعزيز الهوية الأمازيغية كجزء أساسي من الهوية المغربية المتنوعة.

هذه الفعاليات ليست فقط فرصة للاحتفال، بل أيضًا لتعميق النقاش حول مكتسبات النضالات الأمازيغية وتطويرها، مما يسهم في صون هذا الإرث الثقافي الغني.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...