أعربت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، في تصريح خاص لجريدة العالم24 عن استيائها من طريقة تدبير الحكومة لملف الأطباء في المغرب، مسلطة الضوء على معاناتهم، وخاصة أطباء الأسنان، الذين دخلوا في سلسلة من الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من سنة. هذه الاحتجاجات، بحسب منيب، تعكس غضبًا عارمًا وشعورًا بالإحباط من السياسات التي تضر بمستقبل هذه المهنة النبيلة، خصوصًا مع ما وصفته بالمقاربات غير المدروسة التي تتبناها الحكومة في قطاع التعليم الطبي.
منيب شددت أيضا على أن مطالب الأطباء واضحة وتتمحور حول تحسين جودة التكوين، وضرورة إعادة النظر في السنة السابعة من الدراسة المخصصة للتدريب العملي، والتي تعتبرها مرحلة أساسية لصقل مهارات الطلبة وتحضيرهم لمزاولة المهنة بكفاءة. كما أكدت أن هذه السنة يجب أن تخضع لإصلاح عميق يضمن توفير الظروف المناسبة للتدريب الميداني، وأن تكون مصحوبة بفتح المجال للبحث العلمي، الذي ترى أنه جزء لا يتجزأ من تكوين الأطباء، معتبرة أن المغرب قد كون العديد من الكفاءات الطبية التي شرفت البلاد ورفعت من مكانة الأطباء المغاربة في المحافل الدولية.
وتطرقت ذات المتخدثة إلى قرار وزير التعليم العالي الذي أثار جدلًا واسعًا، والمتمثل في تقليص سنوات التكوين في كليات الطب. ووصفت هذا القرار بأنه تجسيد لما أسمته “التسليع” المفرط للتعليم، حيث اعتبرت أن هذا التوجه لا يراعي مصلحة الطلبة ولا جودة المهنة، بل ينطلق من حسابات مالية ضيقة، ترتكز على تقليص التكلفة فقط. وتساءلت كيف يمكن للحكومة أن تتحدث عن تحسين الخدمات الصحية في وقت تخطط فيه لتقليص التكوين الطبي، في ظل احتياج المغرب الكبير للأطباء، خصوصًا أن البلاد تعاني من خصاص يصل إلى 100 ألف طبيب وممرض.
وأضافت أن المغرب في حاجة إلى 12 مركزًا استشفائيًا جامعيًا و12 كلية طب موزعة على جميع جهات المملكة، حتى يتمكن من توفير العدد الكافي من الأطباء لمواجهة النقص الحاد في الكوادر الصحية، لا سيما في التخصصات الدقيقة مثل التشريح والطب الشرعي، محذرة من أن تخريج أطباء غير مؤهلين بشكل كامل سيؤدي إلى تدهور جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
وفي سياق متصل، اعتبرت منيب أن تصريحات وزير التعليم العالي تعكس عدم إدراك لحجم التحديات التي يواجهها قطاع الصحة في المغرب، خاصة في ظل الحديث عن الدولة الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة. وأكدت أنه من المستحيل تحقيق هذه الأهداف دون الاستثمار في العنصر البشري والرفع من جودة التكوين الطبي، داعية إلى ضرورة إحداث تغيير جذري في طريقة التعامل مع هذا الملف الحساس.
وأشارت إلى أن الحكومة تتحدث عن إنشاء 12 وحدة صحية جهوية، لكنها لم توفر المعدات والبنية التحتية اللازمة لهذه المراكز، معتبرة أن هذا التوجه يساهم في تعميق الفجوة بين الشعارات والواقع، حيث لا يزال العديد من المغاربة يعانون من ضعف الخدمات الصحية في المناطق النائية والبعيدة.
كما وصفت تعامل الحكومة مع احتجاجات الأطباء بالمقاربة الأمنية الفاشلة، منتقدة لجوء السلطات إلى القمع والتضييق بدلًا من الحوار والتواصل. وأشارت إلى أن هذه المقاربة القمعية لن تؤدي إلا إلى المزيد من الاحتقان، مؤكدة أن الحكومة بوزرائها، وخاصة وزيري التعليم العالي والصحة، ورئيس الحكومة، قد فشلوا في تدبير هذا الملف الحساس.
وأمام هذا الوضع، دعت إلى استقالة وزير التعليم العالي، محملة إياه المسؤولية عن سنة كاملة ضاعت بسبب سوء تدبير هذا الملف. كما شددت على ضرورة تجهيز المستشفيات الإقليمية وتوفير فرص التدريب الميداني للطلبة الأطباء بشكل يليق بمستوى التضحيات التي يقدمونها، مبرزة أن مهنة الطب هي مهنة تضحيات جسيمة، وأن المساس بجودتها هو مساس بصحة المواطنين.
كما أكدت نبيلة منيب لموفد العالم24 أن إصلاح القطاع الصحي يجب أن يكون من أولويات الحكومة، داعية إلى اتخاذ خطوات عملية تعيد الاعتبار للأطباء، وتضمن تكوينًا عالي الجودة، بما يحفظ كرامة الأطباء ويعزز من ثقة المواطنين في المنظومة الصحية، بعيدًا عن المقاربات الضيقة التي قد تدمر هذا القطاع الحيوي.
المصدر: Alalam24