سيناء في قلب العاصفة.. مصر تستعد لسيناريو المواجهة وإسرائيل تخطط في الظل

الكاتــب: رضــوان اللــه العطلاتــي

 

رفعت مصر درجة الاستعداد القصوى في سيناء وسط تطورات مثيرة ومقلقة على الساحة الإقليمية، بعد التحركات الإسرائيلية الأخيرة التي أظهرت نيةً لاستفزاز القاهرة في أعقاب إخلاء جماعي مفاجئ لسيناء من الوجود الإسرائيلي، في سابقة لم تحدث منذ يونيو 1967. هذه التحركات جعلت القاهرة في حالة تأهب لمواجهة أي محاولة لكسر الجيش المصري وإعادة سيناريوهات الاحتلال القديم.

الأسئلة تتوالى حول ما يحدث في الكواليس بين الأطراف المختلفة، وما إذا كانت هذه التحركات تعكس سيناريو خطيراً يتم الإعداد له في الخفاء، خاصة مع تواتر الحديث عن سيناريوهات التوطين والتهجير، واحتمال دفع مصر ثمناً لتصفية جماعات مثل حزب الله وحماس، اللتين كانت إسرائيل تسعى لتفكيك وجودهما في المنطقة منذ فترة. هذه التطورات تجعل التساؤلات حول مصير القضية الفلسطينية ودور إيران وحزب الله تطرح نفسها بقوة.

في هذا السياق، أشار وزير الخارجية المصري السيد بدر عبد العاطي إلى إمكانية وقوع حرب شاملة في المنطقة إذا تصاعد التصادم بين إسرائيل ولبنان إلى مواجهة برية، لافتاً إلى أن السيناريو الإسرائيلي الجديد يتجسد في استهداف البنية التحتية لحزب الله. هذه التصريحات تؤكد أن الوضع في لبنان لا يقتصر على مناوشات بسيطة، بل قد يكون عنواناً لمخطط إسرائيلي-أمريكي أوسع.

التحركات في سيناء لم تقتصر على إخلاء السائحين الإسرائيليين فقط، بل شملت وقف التحذيرات المعتادة التي كانت إسرائيل تصدرها لرعاياها عند كل توتر أمني في سيناء، وهو ما يثير الشكوك حول نوايا تل أبيب المستقبلية. الجبهة المصرية تستعد بقوة لكل الاحتمالات، في وقت تحاول فيه تل أبيب إعادة رسم خريطة المنطقة عبر قطع الشطرنج المحترقة التي اعتادت تحريكها، بدءاً من جماعات الإسلام السياسي وانتهاءً بمسرحية “ولاية سيناء” و”تنظيم بيت المقدس”.

وفي الوقت الذي تبدو فيه سيناء في قلب العاصفة، تتعقد الصورة أكثر بتصاعد الأحداث في لبنان، حيث استهدفت الغارات الإسرائيلية بشكل مكثف الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله، في محاولة لتصفية قادته الأساسيين وإنهاء دوره في لبنان كقوة مقاومة. إسرائيل تسعى لاستغلال الضوء الأخضر الأمريكي للتخلص من بقايا الحزب في لبنان، في وقت تدخل فيه إيران في مفاوضات معقدة للحفاظ على مصالحها في المنطقة وسط شبكة من التحالفات المتشابكة.

هذه التطورات تتقاطع مع تحركات إسرائيلية على الساحة الداخلية أيضاً، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعليق قرار استبدال وزير الدفاع، ما يشير إلى أن هناك لعبة أكبر تُحاك خلف الكواليس، حيث يستخدم نتنياهو أسلوبه التقليدي في التلاعب بمنافسيه السياسيين لتحقيق مكاسب شخصية، تماماً كما فعل مع قادة سابقين مثل إيهود باراك، بيني غانتس، وغيرهم ممن تحولوا إلى “كروت محروقة” في معاركه السياسية الداخلية.

الوضع في سيناء، رغم كل التحركات العلنية، ما زال لغزاً كبيراً. إسرائيل اختارت هذه المرة نهجاً جديداً يتمثل في إخلاء صامت وهادئ، ربما تمهيداً لسيناريو يشمل إعادة رسم الخريطة، في وقت تبدو فيه مصر في وضع معقد، حيث تتعامل مع تهديدات أمنية من عدة جهات، بدءاً من الحدود مع غزة وانتهاءً بالتحركات المشبوهة على الجبهة الشمالية.

يبدو أن مصر تدرك اللعبة جيداً وتستعد لجميع السيناريوهات، وسط حديث عن محاولات لاستدراج الجيش المصري إلى معركة لا تخدم إلا أجندات إقليمية ودولية. رغم كل ذلك، مصر تظل الجائزة الكبرى التي تحاول جميع الأطراف الوصول إليها، سواء إيران أو إسرائيل، في صراع يبدو أن نهايته ستحدد مصير المنطقة لعقود قادمة. هذه المواجهة لن تقتصر على سيناء فقط، بل ستشمل إعادة تشكيل كامل للخارطة الإقليمية، وهو ما يتطلب من القاهرة الحذر الشديد في قراءة كل التحركات والتمسك بموقف دفاعي صلب يحفظ سيادتها وأمنها القومي.

كل ما يحدث يطرح سؤالاً كبيراً: هل نحن أمام إعادة لسيناريوهات قديمة بحلة جديدة، أم أن هناك فخاً أكبر ينتظر المنطقة بأسرها؟ في النهاية، ستبقى سيناء رمزاً للمقاومة المصرية وجبهة صمود في وجه كل المخططات، كما كانت دائماً منذ أكتوبر 1973، حين استطاع الجيش المصري قلب موازين المعركة، وهو ما يبدو أن إسرائيل تحاول بكل السبل الحيلولة دونه في أي مواجهة مقبلة.

 

 

المصدز: Alalam24

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...