مواكبة أشغال الدورة الاستثنائية المخصصة لتصميم تهيئة القنيطرة وقطاع الشليحات بجماعة المناصرة

في إطار مهام المواكبة والتأطير التقني والقانوني، شاركت مديرة الوكالة الحضرية مرفوقة بوفد مهم من المسؤولين المعنيين وكذا بمدير مكتب الدراسات المشرف على إعداد تصميم تهيئة جماعة القنيطرة وقطاع الشليحات بجماعة المناصرة، مساء يوم الخميس الموافق لـ26 شتنبر 2024، في أشغال الدورة الاستثنائية المنعقدة لهذا الغرض والتي استمرت لما يقارب الست ساعات وإلى ساعة متأخرة من الليل.

وقد جائت كلمة مديرة الوكالة الحضرية القنيطرة سيدي قاسم سيدي سليمان على الشكل التالي:

 

السيد باشا مدينة القنيطرة

السيد نائب رئيس المجلس الجماعي للقنيطرة

السيدات والسادة المستشارين أعضاء المجلس الجماعي

السيدات والسادة نساء ورجال الإعلام

حضرات السيدات والسادة.

 

في مستهل هذه الكلمة التقديمية، أود بداية أن أقدم جزيل تشكراتي وامتناني للسيد عامل إقليم القنيطرة على دعمه وعلى العناية التي يوليها لدراسات وثائق التعمير وعلى تتبعه المباشر لهذه الدراسات وهذا ما يجعلها دوما تحقق الفعالية والجودة المطلوبين. ولعل الاجتماعات التنسيقية العديدة التي عقدت تحت رئاسته في سياق إعداد مشروع هذا التصميم موضوع اجتماعنا اليوم لخير دليل على ذلك.

 

نجتمع اليوم حول مشروع تصميم تهيئة ذو أهمية بالغة ليس فقط على المستوى المحلي بل على المستوى الإقليمي والجهوي وأيضا الوطني. فبالنظر لموقع حاضرة القنيطرة وضواحيها وما تزخر به من مؤهلات بشرية وطبيعية ومعمارية، فإن مشروع تصميم تهيئة هذا المجال يطرح رهانات عميقة ومتعددة الأبعاد حاولنا وفي إطار من التشاور المستمر مع كل الفرقاء المعنيين من أخدها بعين الاعتبار بهدف بلورة رؤية استشرافية لتهيئة هذا المجال. رؤية تضمن لهذه الحاضرة كل مقومات التنمية المستدامة وتحقق لها القدرة على التنافسية وترفع من قدراتها الاستقطابية للاستثمارات. رؤية تمكنها من تملك تجهيزات كبرى وحديثة تجعلها تصطف في مقدمة المدن المتطورة وتحقق لساكنتها وزوارها إطار عيش ذو جودة عالية.

 

فمدينة القنيطرة ونواحيها قد شهدت تحولات عميقة في السنوات الأخيرة بفضل المشاريع المهيكلة والتي جعلت منها أحد الركائز الأساسية لمجموعة من الاستراتيجيات الوطنية وخصوصا الصناعية والفلاحية. وقد تعززت هذه المشاريع بالإنجازات الهامة التي تحققت في إطار مخطط التنمية المندمجة والمستدامة لإقليم القنيطرة 2015-2020 الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. ومن بين مظاهر هذه التحولات التطور الكبير الذي شهدته على المستوى الديموغرافي والمجالي إذ أن الساكنة انتقلت من حوالي 360.000 نسمة سنة 2004 إلي أزيد من 430.000 نسمة سنة 2014 وقد تصل ساكنتها حاليا حسب التقديرات الرسمية إلى 500.000 أي بزيادة70.000  نسمة كل عشر سنوات. كما أن المجال المبني قد انتقل من حوالي 4.500 هكتار سنة 2004 إلى حوالي 6.000 هكتار حاليا أي بزيادة 750 كل عشر سنوات.

 

فمدينة القنيطرة اليوم هي مدينة التحول الصناعي للمملكة، وهي أيضا مدينة اقتصاد العلم والتكوين والمعرفة بفضل القطب الجامعي لابن طفيل بالإضافة إلى مجموعة من المؤسسات التكوينية في المجال العسكري والأمني والفلاحي والصناعي. وهي أيضا مدينة تزخر بمؤهلات طبيعية وبيئة تتفرد بها على المستوى الوطني وتسائلنا جميعا من أجل بلورة نموذج تهيئة يصون هذه المؤهلات ويعزز العرض المجالي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

 

وللتذكير، فهذه الدراسة تندرج في إطار المرحلة الثانية من دراسة استراتيجية وشاملة همت مرحلتين أولاهما دراسة مخطط توجيه التهيئة العمرانية للقنيطرة الكبرى والذي وضع رؤية استشرافية في أفق سنة 2040 تحتل فيها حاضرة القنيطرة نقطة مركزية تتفاعل مع محيطها المتروبولي الكبير الممتد من سيدي الطيبي إلى سوق الأربعاء شمالا وإلى سيدي يحيى الغرب شرقا. كما تم إعداد هذه الدراسة وفق نموذج الجيل الجديد لوثائق التعمير من خلال منظومة من المقتضيات تروم المرونة وتشجع على الاستعمال الأفضل والمندمج للمجال عبر ضابطة التهيئة من الجيل الثاني 2.0.

 

وهكذا ففي نهاية مسلسل من التشخيص والاجتماعات التشاورية والورشات الموضوعاتية التي عقدت منذ 2017 في سياق إعداد هذا المشروع، وارتكازا على توجهات الوثائق الاستراتيجية لإعداد التراب والتعمير بما فيها المخطط الجهوي لإعداد التراب لجهة الرباط-سلا-القنيطرة ومخطط توجيه التهيئة العمرانية للساحل، وعلى خلاصات رزنامة  من الدراسات المعدة من طرف المصالح القطاعية، يمكن تلخيص أهداف هذا المشروع في  خمس نقط على أن يقوم السيد محمد البكدوري مدير مكتب الدراسات الذي أشرف على إعداد هذه الدراسة بعرض كل تفاصيلها.

 

فالهدف الأول يتعلق بالحفاظ على الموارد الطبيعة الهامة كوادي سبو ومرجة الفوارات وغابة المعمورة والغابات الحضرية المتواجدة داخل المدار الحضري. والحفاظ على هذه الموارد لن يتأتى إلا بإدماجها في الدينامية الحضرية وتخصيصها بوظائف مجالية تضمن استدامتها وتصون حساسيتها.

 

وفي هذا السياق، نود أن نشيد بالعمل التشاركي الذي تميزت بها هذه الدراسة من خلال سلسلة من الاجتماعات التشاورية مع مسؤولي المديرية الإقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالقنيطرة في سياق إعداد مشروع تصميم تهيئة وتدبير المنطقة المحمية للفوارات ونواحيها المعدة من طرف هذه المديرية.

 

الهدف الثاني يتعلق بحماية الحاضرة من خطر الكوارث الطبيعية وتقوية قدرتها على مواجهة المخاطر. وفي هذا السياق تم وفي إطار من التشاور مع مختلف المصالح المعنية الأخذ بعين الاعتبار خلاصات كل الدراسات ذات الصلة والتي أعدت حديثا ومنها دراسة حماية مدينة القنيطرة من خطر الفيضانات المعدة من طرف وكالة الحوض المائي لسبو ودراسة خريطة القابلية للتعمير للمدينة الإيكولوجية المعدة من طرف مصالح الوكالة الحضرية في إطار شراكة مع وزارة الداخلية ودراسة خريطة القابلية للتعمير المعدة من طرف المصالح المركزية لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة وكذا دراسة المخطط المديري للتطهير السائل المعدة من طرف الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل للقنيطرة.

 

الهدف الثالث يتعلق بتقوية القاعدة الاقتصادية لهذه الحاضرة عبر تخصيص مساحات جديدة لخلق جيل جديد من مختلف الأنشطة الصناعية والسياحية والتجارية والخدماتية. كما أن خلق مناطق سياحية بيئية في منطقة الفوارات وخلق المدينة الإيكولوجية بحلقة سبو يؤكد هذا التوجه الهادف إلى التحول الجذري لهذه المناطق وجعلها قطبين حضريين مركزيين مع تطوير أنشطة سياحية وترفيهية ورياضية من المستوى العالمي مع خلق فضاءات عمومية تتيح لساكنة المدينة وزوارها إطارا وخدمات ذات جودة حضرية عالية وفق ما تقتضيه مبادئ التهيئة والتعمير المستدامين.

 

وفي هذا السياق ارتأينا بتشاور مع الفرقاء المعنيين إلى ابتكار نموذج تهيئة جديد يمزج ما بين رهان حماية منطقة الفورات والعصام من خطر الفيضانات ورهان خلق قطب حضري جديد وبمواصفات عالمية بهذه المنطقة أطلقنا عليه اسم القنيطرة: المدينة الزرقاء يجعل من عنصر الماء نقطة قوة للتهيئة الحضرية الحديثة لا عنصر ضعف. كما تم اقتراح تغطية منطقة القاعدة العسكرية كمنطقة مشروع حضري وذلك طبقا لطلب وتوجهات مصالح إدارة الدفاع الوطني على أن يتم فتحها للتعمير عند الضرورة من خلال تصميم تهيئة قطاعي.

 

الهدف الرابع يرتبط أساسا بتقوية المدينة بالمرافق الكبرى لتلعب أدوارها على المستوى الإقليمي والجهوي من قبيل قطب المرافق الجنوبي والقرية الرياضية وقصر للمؤتمرات …..الخ  مع الحرص على التوزيع المجالي المتوازن لهذه المرافق والاستمرار في تقوية الأحياء السكنية بمرافق القرب والخدمات الأساسية. وفي نفس السياق ولما تطرح دينامية التمدن من إشكالات معقدة وأساسا النقل والجولان، فقد تميز هذا التصميم بإدماج خلاصات دراسة تصميم النقل الحضري والذي أشرفت عليها مصالح العمالة والجماعة.

 

أما الهدف الخامس فيتعلق الأمر بالرفع من المستوى الحضري للأنسجة المتقادمة والمتواجدة أساسا في منطقة الساكنية، والتي يتعين مدها بآليات مبتكرة من أجل تمكينها من التطور والتحول ولعب وظائف جديدة وفق ما يطلبه الساكنة والفاعلون العموميون والخواص. هكذا يقترح هذا التصميم العمل على تطوير الأحياء القديمة لمنطقة الخبازات وباب فاس ومنطقة الساكنية عبر آليات مبتكرة لتمكين هذه الأنسجة من التحول والتجدد وتحسين إطارها الحضري والاستجابة للحاجيات المستقبلية للمدينة دون الحاجة إلى التوسع على حساب الأراضي الغابوية والفلاحية.

 

وفي نفس الإطار يقترح هذا التصميم أيضا العمل على التجديد الحضري للمنطقة الصناعية القديمة المطلة على نهر سبو وذلك عبر خلق مشاريع متنوعة سكنية وسياحية وخدماتية من مستوى عالي لتشكلان مع منطقة الفوارات والمدينة الإيكولوجية لحلقة سبو وحدة حضرية منسجمة ومتكاملة قوامها التعمير المستدام والجودة الحضرية العالية.

 

ومن أجل إعمال مبادئ المستدام والرفع من الإطار الحضري لهذه الحاضرة، يقترح هذا التصميم تشجيع التعمير العمودي بغاية استثمار أفضل للمخزون العقاري وللبنية التحتية المتوفرة وتفادي التوسع على حساب المجالات الطبيعية.

 

حضرات السيدات والسادة

هذه بتركيز شديد أهم عناصر الرؤية التنموية والمبادئ المؤطرة للتهيئة والتي تمت صياغتها والموافقة عليها من طرف اللجنة التقنية المحلية تحت رئاسة السيد العامل بتاريخ 29 مارس 2022 وبحضور جماعتي القنيطرة ولمناصرة وكافة المصالح اللاممركزة بالإقليم. أملنا جميعا أن نكون قد وفقنا في هذه الاختيارات والتي خضعت لمسطرة البحث العلني كما ينص على ذلك القانون 12.90 المتعلق بالتعمير والتي مكنت المواطنين من التعبير عن ملاحظاتهم وتدوينها في السجل المعد لذلك وكذا من خلال البوابة الرقمية التي وضعت من طرف الوكالة الحضرية رهن إشارة الجميع خلال مرحلة هذا البحث العلني. أملنا أن نوفق جميعا في المستقبل في تنفيذ وتنزيل مضامين تصميم التهيئة في صيغته النهائية بعد التعديلات التي ستطرأ عليه أخدا بعين الاعتبار الملاحظات المعبر عنها خلال البحث العلني في أفق جعل حاضرة القنيطرة حاضرة نموذجية من حيث فضاءاتها ومرافقها وإطارها الحضري.

 

وفي الأخير نود أن نجدد شكرنا وامتناننا للسيد العامل المحترم على دعمه الموصول لدراسات وثائق التعمير وكذا للسادة المنتخبين ورؤساء المصالح اللاممركزة على مواكبتهم القيمة لهذه الدراسة راجين من العلي القدير أن تكلل أشغال هذه الدورة المباركة بالنجاح وأن يكون هذا التصميم فاتحة خير ونماء على ساكنة القنيطرة تحت القيادة السامية والمنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره وأيده.

 

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

إثر ذلك، قام  محمد الحبيب البكدوري الأشقري، الخبير في مجال التعمير ومدير مكتب الدراسات المشرف على إعداد تصميم تهيئة جماعة القنيطرة وقطاع الشليحات بتقديم عرض مفصل تمحور حول مراجع وإطار الدراسة، الإطار العام والخاص، التشخيص الترابي، والرهانات والتوجهات الكبرى للدراسة.

 

 

 

 

المصدز: Alalam24

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...