أعلنت وزارة الصناعة والتجارة عن مجموعة من الخطوات الجديدة لتنظيم مجال التجارة الإلكترونية، في إطار جهودها لمواكبة التطور الرقمي الذي يشهده العالم، وذلك من خلال مراجعة الإطار القانوني المعمول به، وخاصة قانون حماية المستهلك رقم 31.08، الذي تم رفعه إلى الأمانة العامة للحكومة. ويتضمن هذا التحديث إجراءات صارمة لمحاربة الممارسات التجارية المضللة، مثل تقليد المنتجات، أو تقديم معلومات غير صحيحة حول الجودة أو السعر أو الخصائص، إلى جانب تنظيم عمل المنصات الإلكترونية (Marketplace) عبر تحديد مسؤولياتها تجاه المستهلكين.
وفي هذا السياق، أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، أن الرقمنة أصبحت واقعا لا يمكن تجاوزه، خاصة مع ما تفرضه من تحولات في البنية الاقتصادية. وأوضح أن الأدوات الرقمية ساهمت بشكل كبير في تطوير الأنشطة الاقتصادية وتحسين فعاليتها، مشيرًا إلى أن التجارة الإلكترونية تشكل ركيزة أساسية لهذا التحول الرقمي، لما لها من دور مهم في تنشيط الاقتصاد وتوفير فرص الشغل، خاصة للشباب.
وفي معرض رده على سؤال كتابي تقدم به المستشار البرلماني خالد السطي عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أشار الوزير إلى أن الحكومة أصدرت المرسوم رقم 2.22.438، الذي يقضي بإلغاء الإعفاء الجمركي على السلع المستوردة عبر المنصات الإلكترونية، في خطوة تهدف إلى تحقيق تكافؤ الفرص بين المنتجات المحلية والمستوردة، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني.
كما أوضح مزور أن الوزارة قامت بعدة مبادرات لدعم التجار الصغار وتشجيعهم على الاندماج في السوق الرقمي، من خلال شراكات مع كبار الفاعلين في مجال التجارة الإلكترونية. وقد مكنت هذه المبادرات من تكوين التجار في أساسيات البيع عبر الإنترنت، وإدماج أكثر من 4500 تاجر في المنصات الرقمية، إلى جانب إنشاء 200 نقطة توصيل مخصصة لهؤلاء التجار.
وفي إطار دعم الابتكار، تم تأهيل ومواكبة 161 مقاولة ناشئة عبر منصة “MRTB” الرقمية، وهي منصة وطنية تهدف إلى رقمنة قطاع التجارة، كما تم توقيع اتفاقية شراكة بين وزارة التجارة ووزارة الانتقال الرقمي من أجل تسريع رقمنة هذا القطاع. وتشمل الاتفاقية مشاريع متعددة، أبرزها إنشاء مراكز جهوية لتسهيل الولوج إلى التجارة الإلكترونية، وتطوير منصة “Trade ma” التي تهدف إلى الترويج للمنتجات المغربية في الأسواق الدولية.
كما أعلنت الوزارة عن قرب إطلاق دراسة وطنية لتحليل واقع التجارة الإلكترونية بالمغرب، من حيث سلسلة التوزيع، والبيئة القانونية والضريبية، وتأثير هذا القطاع على التجارة التقليدية والإنتاج الوطني، وذلك من أجل وضع تصور شامل لتطويره.
وفي ما يتعلق بالمراقبة، أوضح الوزير أن الوزارة أنشأت منذ سنة 2016 خلية خاصة لرصد وتتبع الأنشطة التجارية الإلكترونية، تتولى تلقي الشكايات، إجراء عمليات مراقبة، وتحرير محاضر المخالفات. وخلال سنة 2024، نفذت هذه الخلية 200 عملية تفتيش، أسفرت عن توجيه إنذارات وتحرير ستة محاضر قانونية.
أما على مستوى الأرقام، فقد بلغ حجم معاملات التجارة الإلكترونية في المغرب سنة 2023 نحو 22 مليار درهم، بمعدل نمو سنوي تجاوز 30% خلال السنوات الخمس الماضية. كما سجلت المعاملات الإلكترونية أداءً ماليا قدره 9.9 مليارات درهم في العام نفسه.
وأشار الوزير إلى أن هذا النمو يعكس الفوائد المتعددة للتجارة الإلكترونية، منها توفير فرص عمل في قطاعات الاتصال والتكنولوجيا، تنظيم عمليات التوزيع، دعم مداخيل التجار، وزيادة مبيعات الشركات عبر الإنترنت، فضلا عن فتح آفاق جديدة أمامهم للتصدير إلى الأسواق الدولية.
ولتأطير هذا القطاع قانونيًا، اتخذت الحكومة إجراءات تنظيمية شاملة، أهمها تحديث مدونة التجارة بموجب القانون رقم 15.95، وتعزيز حماية المستهلك بموجب القانون رقم 31.08، إلى جانب قوانين مكملة لضمان سلامة المنتجات (القانون 24.09)، وتنظيم المعاملات المالية الرقمية (القانون 103.12)، وحماية المعطيات الشخصية (القانون 09.08)، ودعم الأمن السيبراني (القانون 05.20)، وتوفير خدمات الثقة في المعاملات الإلكترونية (القانون 43.20).