في مسار الصحافة المغربية تتوهج أسماء صنعت الفرق ووقّعت حضورًا متميزًا على مدار عقود، ومن بين هؤلاء يبرز اسم محمد السلهامي، أحد الوجوه البارزة التي ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالتجربة التحريرية لمجلة ماروك إبدو، فالرجل والمجلة وجهان لعملة واحدة؛ كل منهما يعكس الآخر، ويمنحه هوية وعمقًا.
ولد محمد السلهامي سنة 1945 بمدينة سيدي قاسم، وبدأ مشواره المهني خارج أرض الوطن، وتحديدًا في فرنسا، حيث حصل على دبلوم من معهد الصحافة سنة 1973، كما تخرّج من المدرسة العليا للصحافة بباريس. خلال تلك الفترة، خاض أولى تجاربه في الحقل الإعلامي، متعاونًا مع اليومية الرياضية الشهيرة ليكيب، إضافة إلى مساهمته في مجلة جون أفريك، ومشاركته في إنتاج محتوى إعلامي مع القسمين العربي والأفريقي بإذاعة فرنسا الدولية.
امتدت تجربته لأكثر من أربعة عقود، وكان خلالها شاهدًا ومحللاً ومراسلًا ميدانيًا لأهم النزاعات المسـ ـلحة التي شهدها العالم في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ومن خلال هذه المهام أتيحت له فرصة لقاء عدد من الشخصيات البارزة والمؤثرة، من بينها الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات والرئيس البوركيني توماس سانكارا، وهي لقاءات تعكس مكانته كمراسل حربي وصحفي متمكن من أدواته ومحيطه.
غير أن المجد الصحفي الذي صنعه السلهامي لم يخلُ من بعض الانتقادات، إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يظل صوتًا مدافعًا عن وضعية الصحفيين وحرية التعبير، ومؤمنًا بدور الإعلام في بناء الوعي الجماعي والنقاش العمومي.
محمد السلهامي ليس مجرد اسم في سجل الإعلام المغربي، بل تجربة غنية تحمل في طياتها دروسًا في المهنية، والالتزام، والإصرار على ممارسة الصحافة من قلب الحدث، لا من خلف المكاتب.