الصحة ركيزة الدولة الاجتماعية.. الفريق الاستقلالي يدعو لإصلاح عادل ومنصف يعزز كرامة المواطن

شهدت الجلسة العمومية لمجلس النواب، اليوم الاثنين 7 يوليوز الجاري بالرباط، نقاشاً محورياً حول السياسة العامة المتعلقة بالمقاربة الحكومية لتعزيز الحق في الصحة، بمداخلة قوية قدمها النائب البرلماني علال العمروي باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، حيث شدد على أن الحق في الصحة يمثل أحد أبرز الحقوق الدستورية للمواطن المغربي، وأحد أعمدة المشروع الملكي لبناء الدولة الاجتماعية.

وفي مستهل مداخلته، وصف العمروي هذا الورش الإصلاحي بـ”الاستثنائي وغير المسبوق على المستوى العربي والإفريقي”، مذكراً بأن المرحلة الحالية تتطلب تعبئة وطنية لإنجاح مشروع تعميم التغطية الصحية، وتحقيق المساواة في ولوج العلاج والخدمات الطبية بين كافة شرائح المجتمع.

وأكد النائب البرلماني أن المغرب حقق تقدماً كبيراً، حيث أصبح أكثر من 11.3 مليون مواطن يستفيدون من نظام “أمو تضامن”، والذي يضمن خدمات علاجية مجانية أو مدعمة سواء في القطاع العام أو الخاص، على خلاف ما كان عليه الأمر في عهد نظام “الراميد”، الذي وصفه العمروي بأنه كان مجرد “مساعدة صحية محدودة” لا ترقى لمستوى التغطية الصحية الحقيقية.

وفي نداء موجه إلى المواطنات والمواطنين، دعا العمروي إلى الإسراع في التسجيل بنظام “أمو”، لاسيما أصحاب المهن الحرة، مشدداً على أن الصحة ليست مضمونة، وأن الانخراط في التغطية الصحية مسؤولية جماعية وأمانة وطنية.

وأشار إلى أن الدولة تتحمل سنوياً أزيد من 9 مليارات درهم كمساهمات عن المستفيدين من “أمو تضامن”، إلى جانب مليار درهم تخصصها للمستشفيات العمومية مقابل الخدمات المقدمة بالمجان، وهو ما يعكس “جدية الدولة في تحقيق الإنصاف في العلاج”.

وفي تطرقه إلى الإصلاح البنيوي، ثمن العمروي إحداث مستشفيات جامعية وكليات طب في كل جهات المملكة، معتبراً أن التكوين الصحي والتوزيع العادل للموارد البشرية يشكلان أولوية قصوى لضمان العدالة المجالية في الحق في الصحة.

كما أشار إلى أهمية إنشاء الهيئة العليا للصحة والمجموعات الصحية الترابية كإطار مؤسساتي جديد يعزز الحكامة والنجاعة في تدبير المنظومة الصحية، داعياً إلى تفويض صلاحيات حقيقية لهذه الهيئات الجهوية حتى تتمكن من تكييف السياسات الصحية حسب خصوصيات كل جهة.

وصف العمروي المرحلة الحالية بـ”مرحلة بناء صعبة ولكن ضرورية”، داعياً إلى منظومة صحية من “الجيل الجديد 2.0 Santé”، ترتكز على الجهوية الحقيقية، والتحفيز حسب الأداء، والتكامل بين القطاعين العام والخاص، مشدداً على ضرورة “إيقاف النزيف البشري تجاه القطاع الخاص الذي يستغل هشاشة الأجور في القطاع العام”.

وفي هذا السياق، لم يتردد العمروي في توجيه انتقادات لبعض الممارسات غير الأخلاقية في القطاع الصحي الخاص، داعياً إلى “خلق توازن تشريعي ومؤسساتي لحماية أخلاقيات المهنة”.

من جانبه، نوه المتدخل الثاني عن الفريق الاستقلالي بأهمية تجاوز العوائق البنيوية في العالم القروي والمناطق الجبلية والحدودية، حيث يعيش حوالي 49% من المواطنين، مؤكداً أن غياب الأطباء الأخصائيين في هذه المناطق “يضرب في العمق كل جهود الدولة”.

وطالب بإعطاء صلاحيات للمجموعات الصحية للتعاقد مع الأطباء وفق تحفيزات مناسبة، مع الاستثمار في تجهيز المراكز والمستشفيات بالأجهزة البيوطبية المتطورة مثل “السكانير” و”IRM”، وإحداث مستشفيات جديدة في المناطق التي تعرف ضغطاً سكانياً.

وفي محور التنسيق بين القطاعين العام والخاص، طالب الفريق الاستقلالي بتعزيز الملف الطبي الرقمي المشترك، وتطوير آليات التنسيق مع المختبرات والصيدليات، وإخراج الخريطة الصحية الجهوية، مع إحداث منظومة صحية متنقلة تعزز الوصول إلى العلاج في المناطق النائية.

كما شدد على ضرورة الإسراع في اعتماد التشخيص الطبي عن بعد، وتحسين برامج صحة الأم والطفل، والصحة الوقائية، ورعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.

وختم الفريق الاستقلالي مداخلته بالتأكيد على أن نجاح هذا الورش الوطني يتطلب من الجميع تحمل المسؤولية، قائلاً: “إنها لحظة تاريخية، والقطاع الصحي يجب أن يكون صلباً وقادراً على الصمود، لأن الأمن الصحي جزء من الأمن القومي للمملكة”.

 

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...