حق الملح”.. تكريم مغاربي للمرأة و”خلاف” حول أصل العادة

حق الملح” هي عادة مغاربية تراثية تتوارثها الأجيال، ويُنظر إليها على أنها تمثل “لافتة تكريم للمرأة على جهودها خلال شهر رمضان، وتجسد عمق العلاقات الأسرية بين الزوج وزوجته”، بحسب اخصائيين اجتماعيين.

شراء نساء جزائريات لمستلزمات رمضانية

ولتلك العادة المغاربية طقوس خاصة، فالزوجة تقوم بترتيب منزلها وتبخيره، وتتزين لاستقبال زوجها بعد عودته من صلاة العيد وفي يديها طبق من الحلوى وفنجان من القهوة.

الزوجة تقدم لزوجها فنجان من القهوة بعد عودته من صلاة العيد

ويرتشف الزوج قهوته، لكنه لا يعيد الفنجان فارغاً، بل يضع داخله قطعة حلي من ذهب أو فضة كهدية لزوجته وتقديراً لدورها خلال رمضان.

تونسية أم جزائرية؟

تلك الظاهرة تثير الكثير من الجدل في الأوساط المغاربية، حول أصولها، بين تأكيد تونسي بأنها ظاهرة “محلية أصيلة”، وتشديد جزائري على أنها “جزائرية بامتياز”.. فما القصة؟

ووفقاً لموقع “الترا تونس” التونسي، فأن عادة “حق الملح” تعد أحد الطقوس للاحتفال بعيد الفطر أو “العيد الصغير” كما يُطلق عليه التوانسة.

حق الملح أحد طقوس الاحتفال بعيد الفطر في تونس

ويقول الموقع التونسي، “هذه العادة التي كان الأجداد والآباء يمارسونها تسير نحو الاندثار في ظل تراجع الإقبال على ممارستها من قبل العائلات التونسية”.

من جانبه يشير موقع “أوراس” الجزائري إلى أن “حق الملح” واحدة من العادات المتوارثة بين الجزائريين انتقلت إليهم خلال العهد العثماني.

وعن أصل التسمية تشير المختصة في التراث الجزائري، سميرة أمبوعزة، أنها مستوحاة من المصطلح الدارج “الملح والعشرة”.

حق الملح عادة جزائرية متوارثة منذ عهد العثمانيين

ونقل موقع “أوراس”، عن، المختصة

بالتراث، قولها” الكلمة تعني الاعتراف بالجميل للزوجة عن حسن العشرة طيلة سنوات الزواج وتمني دوام المودة بين الزوجين خصوصا والأسرة عموما”.

فيما تشير دراسات أخرى، إلى أن تلك العادة نالت اسمها من الإشارة إلى اضطرار الزوجة لتذوق درجة ملوحة الطعام على طرف لسانها، وهي صائمة، حرصاً منها على أن تكون ملوحة الطعام معتدلة.

ظاهرة فولكلورية تونسية

وعن حق الملح، يقول الكاتب الصحفي التونسي، كمال بن يونس، إنها كانت عادة منتشرة في النصف الأول من القرن الماضي، بين العائلات الغنية في العاصمة التونسية فقط.

حق الملح بدأت بالاندثار في تونس

وأضاف في تصريحات لموقع “الحرة”، إن العادة بدأت في الاندثار وباتت محدودة الانتشار حاليا في كامل البلاد.

وعن أصول تلك العادة الرمضانية، يشير إلى أنها “تونسية”، مضيفاً “ليس لدي فكرة أن كانت جذورها غير تونسية”.

وتابع الكاتب الصحفي التونسي، قائلاً: حاليا أصبح التعامل مع هذه “الظاهرة الطريفة” باعتبارها “فولكلور”، فيما يستغلها بعض الأزواج لتبادل الهدايا التي لا تكون بالضرورة مجوهرات”.

ظاهرة منتشرة في تونس والجزائر

من جانبه يقول أستاذ علم الاجتماع، سعيد صادق، إن مصطلح حق الملح منتشر في تونس والجزائر، ويعني مكافئة وهدية لزوجته صباح عيد الفطر نظرا لجهودها وكفاحها في المطبخ لإطعام العائلة طوال أيام شهر رمضان.

وأضاف في تصريحات لموقع “الحرة”، أن تسمية المصطلح جاءت من اضطرار الزوجة لتذوق ملح الطعام يومياً لضبطه حسب ذوق عائلتها، مشيراً إلى أن البعض يفسر اسم المصطلح على أنه تعبيراً عن العشرة الطيبة بين الزوجين وتقديراً للزوجة.

وعن مراسم حق الملح، يقول أستاذ علم الاجتماع، أن المراسم تبدأ في أول أيام عيد الفطر، بوضع هدية خاتم أو نقود في فنجان قهوة، مشيراً إلى أن تلك العادة منتشرة منذ قرون.

وقال صادق، إن “بعض النسويات يرفضنها ويقولون إنها تكرس لثقافة التبعية، لكن الرجل يشارك زوجته أيضاً في المهام المنزلية في رمضان”.

وتابع قائلاً: “الواقع أن هذه العادة تخدم الحركة النسوية فهي اعتراف صريح بدور المرأة الاقتصادي في المنزل”، مطالباً الحركات النسوية بتسليط الضوء على مثل تلك العادات التاريخية التي تكرم المرأة.

وعن استمرارية العادة في الوقت الحالي، يقول أستاذ علم الاجتماع، “لاتزال هذه العادة قوية في تونس والزوجات ينتظرنها كما ينتظر الأطفال العيدية”.

ويتوقع سعيد صادق، انتشار العادة في دول عربية وإسلامية أخرى، قائلاً: “النساء في باقي الدول سوف يطالبن بتطبيقها أيضاً”.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...