في مشهد مؤثر طغت عليه مشاعر الامتنان والتقدير، ودّع الدكتور محمد العربي كركب، رئيس جامعة ابن طفيل، زملاءه من الأطر الإدارية والأكاديمية، مغادرًا مكتبه وسط تصفيقات حارة ودموع صادقة، في أجواء إنسانية طبعتها روح العائلة الجامعية الواحدة.
وقد عبّر كركب، في كلمة وداعية، عن عميق امتنانه لكل من رافقوه خلال سنوات العمل قائلًا: “أتقدّم بخالص الشكر والامتنان لنساء ورجال جامعة ابن طفيل الذين رافقوني خلال هذه المسيرة، أغادر هذه الجامعة الرائدة وهي في أوج تألقها، وقد بلغت من الريادة والتميّز ما لم تبلغه من قبل.”
ولم تكن هذه الكلمات سوى ترجمة لما تحقق خلال فترة ولايته، حيث عرفت الجامعة نهضة نوعية غير مسبوقة، ترجمتها نتائج ملموسة، أبرزها:
– تصنيف جامعة ابن طفيل الأولى وطنياً ضمن أرقى التصنيفات الجامعية الدولية؛
– تتويجها مرتين خلال العام الحالي بلقب أفضل جامعة عربية؛
– وتعزيز إشعاعها العلمي والمعرفي في الفضاءين العربي والإفريقي، لتصبح مركزًا أكاديميًا مرجعيًا وصوتًا وازنًا في الساحة الجامعية الدولية.
ومع إسدال الستار على هذه المرحلة، قد يُعتبر ما حصل في نهايتها مما يُدرج ضمن قضاء وقدر، لا يد للرجل فيه، بل هي سنة الحياة التي تُعلّمنا أن كلما ارتفع الاسم، واشتدّ الثقل، كَبُر الثمن، فهكذا تسير الأمور حين تكون المسؤولية بحجم الريادة.
ومع مغادرته، تودّع الجامعة واحدًا من رجالاتها الذين آمنوا برسالتها، وراهنوا على كفاءاتها، وكرّسوا حضورها كمؤسسة منتجة للمعرفة، ومؤهّلة لخدمة مغرب الغد بثقة وثبات.
إن الوداع لا يُنهي الأثر، ولا يمحو البصمة، فالرؤساء يأتون ويغادرون، لكن القامات التي تعطي بصمت وتترك خلفها مؤسسات أكثر قوة ووضوحًا، تبقى في الذاكرة… وفي التاريخ.