عبد اللطيف الجواهري يحذر من فجوة بشرية في مجال الابتكار المالي ويؤكد جاهزية بنك المغرب لتقنين العملات الرقمية

اختتم مجلس الخدمات المالية الإسلامية بنجاح اجتماعه الـ46 للمجلس الأعلى والاجتماع الثالث لجمعيته العامة بالعاصمة المغربية الرباط، وذلك تحت رئاسة عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب ورئيس المجلس الأعلى لمجلس الخدمات المالية الإسلامية لسنة 2025.

وقد شهد اللقاء نقاشات رفيعة المستوى حول مستقبل الخدمات المالية الإسلامية والتحديات الراهنة التي تواجه القطاع على المستوى الدولي.

وفي كلمة صريحة ومباشرة، تحدث الجواهري عن السياق العالمي المتسم بعدم اليقين السياسي والاقتصادي، مشيراً إلى أن التغيرات المتسارعة في المشهد الجيوسياسي تُلقي بظلالها على الاستقرار النقدي والمالي، قائلاً: “دخلنا في نطاق سياسي كبير، خريطة التحالفات العالمية تتغير، وهناك تساؤلات حول مستقبل الدولار، وموقع القوى الكبرى مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة، وما إذا كان للـ”بريكس” دور جديد في هذا النظام العالمي.”

وأبرز والي بنك المغرب أن المؤسسة بادرت إلى إعداد مشروع قانون خاص بتنظيم العملات الرقمية “الكريبتوموني”، مشيراً إلى أن النص أُنجز وأُحيل على وزارة المالية التي شكلت لجنة لدراسته قصد التعجيل بعرضه على البرلمان. وأكد أن بنك المغرب لا يكتفي بإعداد الإطار القانوني، بل يواصل أيضاً إعداد كافة النصوص التطبيقية اللازمة لتنزيل هذا المشروع على أرض الواقع.

غير أن الجواهري شدد على أن الإشكال الحقيقي لا يكمن في الجوانب التقنية، بل في غياب العنصر البشري المؤهل القادر على مواكبة هذه التحولات. وقال بأسف: “المشكل الأساسي هو العنصر البشري. التقنيات يمكن أن نفهمها ونطورها، لكن من دون أطر وكفاءات وطنية، لن نستطيع سد الفجوة التي تتسع يوماً بعد يوم. في بنك المغرب، فقدنا خلال سنتين فقط 20 مهندساً، وهذا يُعبر عن الخطر الحقيقي.”

وأوضح أن الدول الكبرى لا تتردد في استقطاب العقول المبدعة والمؤهلة، ما يُشكل نزيفاً بشرياً للمؤسسات الوطنية، داعياً إلى الاستثمار الجدي في التكوين والاستبقاء المهني. وأضاف: “خصنا نكونو مهيئين ومحصنين، لأن ماشي غير تيجيو يخطفو منا العقول، ولكن تيغريوهم بجنسيات وتمكين مهني غير متاح هنا.”

كما أشار الجواهري إلى أهمية مواكبة المخاطر المرتبطة بالتقنيات الجديدة، خصوصاً في مجال النقد المركزي والتكنولوجيا المالية، مؤكداً أن بنك المغرب يُعدّ إطاراً متقدماً لذلك، وأن التعاون التقني مع المؤسسات الدولية قائم ومتواصل. لكنه عاد ليؤكد مجدداً: “المشكل ماشي فالتقنيات، المشكل هو في من غادي يطبقها، ومن غادي يؤمن الأمن السيبراني، ومن غادي يصنع معك الصناعة الجديدة.”

وختم والي بنك المغرب مداخلته بالتنبيه إلى ضرورة التمكين الوطني من أدوات العصر الرقمي، وإعادة الاعتبار للعنصر البشري كأولوية وطنية لضمان السيادة المالية والتكنولوجية في عالم لا ينتظر المتأخرين.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...