في خطوة لا تسرّ لا عدو ولا الصديق، فاجأ البنك الشعبي زبناءه بقرار جائر، أوقف بموجبه استخلاص مستحقات الإعلانات عبر فيسبوك وإنستغرام، وذاك بدون سابق إشعار، ولا حتى “مسّاج” توضيح.
قرار جافّ، يقطع الأوكسجين على مئات المؤسسات والمستقلين، المتعاقدين مع شركات وطنية ودولية، ويضرب في العمق مسار المغرب نحو الرقمنة ويعيدنا بخفة إلى عصور الجاهلية المصرفية حيث ننتظر رسائل الحمام الزاجل بدل إشعارات الدفع الإلكتروني.
وبينما نجد المغرب يتوجه بثقة نحو 2030 كسنة مفصلية تعكس نموذج تنموي رقمي وواعد، يتقهقر البنك الشعبي متوجها إلى نفس السنة… لكن قبل الميلاد!
فهل هذا هو سقف طموحاتكم في التحول الرقمي؟ وهل هذه هي رؤيتكم لمغرب المستقبل؟
منذ اتخاذ هذا القرار، يعيش الزبناء على صفيح ساخن في حالة من الغضب والاستياء، بينما يقف مديرو الوكالات عاجزين عن تقديم أي تفسير، في ظل غياب مذكرات داخلية أو تواصل مؤسساتي، فقط “املأ شكاية” هو الرد الجاهز والوحيد!
شكاية… في زمن يحتاج فيه الزبون إلى توضيح سريع، صريح، ودقيق.
العديد من الزبناء بدأوا فعلاً بسحب أرصدتهم وفتح حسابات في بنوك أخرى، بعدما فقدوا الثقة في مؤسسة لم تكلف نفسها عناء شرح الأسباب، وهو ما سيدفع لا محالة شريحة واسعة من الشباب والمقاولين إلى التفكير في حلول بديلة من قبيل العملات الرقمية — الممنوعة قانونًا — لكنهم مجبرون، لا مخيّرون، بعدما أغلق “البنك الشعبي” في وجوههم بوابة التسويق الإلكتروني العصري.
فهل يعقل أن يأتي هذا من مؤسسة يُفترض أنها شعبية؟ أي شعب تخدمونه؟ وأي سياسة هذه التي لا ترى في المواطن سوى “عائقًا تقنيًا”؟ أين هي الحوكمة؟ أين هي الرؤية؟ أم أن صاحب القرار في برجه العاجي لا يبالي، معتقدا أن الإنترنت مجرد بدعة عابرة؟
على المسؤولين في البنك أن يُدركوا جيدًا أن الشيطان يختبئ في التفاصيل، وأن الفشل لا ينجم عن القرارات الكبرى فحسب، بل كثيرًا ما يكون نتيجة الجهل بصغائر الأمور التي تؤثر في اقتصاد الأفراد والمقاولات، فبداية النهاية تكمن في القرارات التي تُتخذ في الغرف المغلقة، بعيدًا عن نبض الزبناء وواقع السوق.
أيها البنك الشعبي… كفّ عن تمزيق ثقة الزبناء فيك، فالشعب لم يعد يحتمل المزيد من العبث، وعليك أن تختار: إما أن تواكب العصر، أو أن تهيئ نفسك لمغادرة حلبة السباق.