تتكرر في ذهني تساؤلات صامتة كلما تأملت في سلوكيات النساء تجاه بعضهن البعض. لماذا يغلب على علاقات النساء التنافس بدلاً من التازر؟ لماذا لا نفرح – في أحيان كثيرة – لنجاحات بنات جنسنا؟ لماذا تتلبسنا الغيرة حين ترى امرأة ناجحة، جميلة، قوية، أو محبوبة؟ ولماذا يبدو أن التفوق يترجم تهديداً، لا مصدر إلهام؟
ليست هذه الملاحظات تعميماً، فالعالم مليء بنساء نقيات، قلوبهن تتسع لفرح الأخريات، وصدورهن تحتضن نجاح غير هن كما لو كان لهن. لكن الظاهرة حاضرة، ومؤلمة، وتستحق التوقف. وربما الجواب الأعمق على هذه التساؤلات لا يكمن في طبيعة المرأة، بل في طبيعة التنشئة.
فمنذ الصغر، تربى الفتاة على أن الأخرى منافسة، لا رفيقة. تزرع في ذهنها فكرة أنها يجب أن تكون الأجمل الأذكى، الألطف، والأكثر حظوة عند الرجال. ويرسم لها نموذج مثالي يشعرها بالنقص حين تراه في امرأة أخرى.
تخيفها أمها من المرأة التي قد تخطف زوجها، وتهمس لها جدتها بأن النساء لا يؤتمن”. فتكبر والشك يرافقها في كل علاقة نسائية، والخوف من الخسارة يختبئ خلف ابتسامتها.
الغيرة هنا لا تأتي من شر داخلي، بل من نظام اجتماعي جعل من المرأة عدوة محتملة للمرأة، وسلبها الشعور بالأمان في وجود أخرى قد تملك ما تظنه “تهديدا”.
ولكن، ماذا لو تغير هذا النظام؟
ماذا لو تمت تنشئة الفتيات على أن النجاح يضاعف حين يشارك، وأن الجمال يتجلى أكثر حين لا يُقارن
وأن الحب الحقيقي لا يسرق، بل يمنح بصدق.
ماذا لو تحول الخوف من الأخرى إلى ثقة بالذات، وتحولت المقارنة إلى الهام؟