تترقب العاصمة الاقتصادية للمغرب، الدار البيضاء، حدثًا غير عادي في ديسمبر المقبل، حيث ستفتح أبوابها للدورة الثامنة من المعرض الدولي للمعادن والمقالع، الذي يعد أكبر تجمع إفريقي يجمع بين العلم، الصناعة، والابتكار في قطاع حيوي يشكل عصب التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تحت شعار طموح “المناجم والمعادن من أجل تنمية الدول الأفريقية والانتقال الطاقي”، يأتي هذا الحدث في وقت حاسم يتطلب استجابة جريئة للتحديات البيئية والتحول الطاقي العالمي. يقف المعرض كمنصة استثنائية لتوحيد جهود الدول الأفريقية نحو تعزيز سلسلة التوريد للمعادن الاستراتيجية، تلك المعادن التي تشكل أساس الثورة الصناعية الرابعة والانتقال نحو طاقة نظيفة ومستدامة.
وفي دورته لهذا العام، لن يكون المعرض مجرد فضاء لعرض المعدات الثقيلة أو تبادل الخبرات التقليدية، بل سيكون مسرحًا لعرض أحدث التقنيات الرقمية والابتكارات العلمية المستخدمة لاكتشاف مناطق التعدين غير المستغلة في القارة السمراء، تقنيات الذكاء الاصطناعي، الطائرات بدون طيار، والاستشعار عن بعد ستُطرح للنقاش كأدوات ثورية يمكن أن تغير قواعد اللعبة، مما يجعل هذا الحدث نقطة انطلاق لمستقبل جديد في مجال التعدين الأفريقي.
وينظم المعرض بمبادرة من المجلة المغربية “الطاقة-المناجم والمقالع”، وبشراكة استراتيجية مع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، إلى جانب دعم مؤسسات كبرى مثل المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) وشركاء دوليين من الكونغو وأوروبا، هذا التآزر بين الأطراف المغربية والدولية يضع المغرب في قلب خارطة التعدين العالمية، ويؤكد ريادته في خلق منصات شراكة جنوب-جنوب مبنية على الابتكار والتنمية المستدامة.
إلى جانب المعرض، ستُعقد الدورة الخامسة من مؤتمر Sol-Maroc وهي فرصة ذهبية لتقييم القوانين المتعلقة باستغلال المقالع، لاسيما القانون 13-27 الذي يشكل العمود الفقري لإدارة هذا القطاع في المغرب. بحضور نخبة من القانونيين، الخبراء، ومهنيي القطاع، سيُعاد النظر في التحديات التي تواجه مشاريع البنية التحتية الكبرى للمملكة، مما يجعل هذا الحدث مناسبة حاسمة للتخطيط لمستقبل قطاع المقالع ومواد البناء.
وتتسم هذه الدورة بحضور وازن لوفد الكونغو الديمقراطية الذي يضم شركات منجمية ومسؤولين محليين، إلى جانب عارضين وخبراء من أوروبا وآسيا وأفريقيا، كما يمثل هذا التنوع الجغرافي فرصة ذهبية لمناقشة القوانين التنظيمية والإدارية للقطاع، وتبادل الأفكار حول أفضل السبل لجذب الاستثمار وتعزيز التعاون العابر للقارات.
ويُعد هذا المعرض أكثر من مجرد حدث صناعي؛ إنه منصة تواصل مباشر بين مستغلي المعادن، المصنعين، الباحثين، والخبراء. يوفر اللقاء فضاءً غير مسبوق لتبادل الأفكار وإبرام الصفقات التي قد تغير ملامح القطاع في المنطقة بالنسبة للعارضين الأجانب، يشكل هذا الحدث نافذة لدخول السوق الأفريقية الواعدة، بينما يستفيد الفاعلون المغاربة من فرص تجارية وشراكات جديدة تعزز مكانتهم عالميًا.
في ظل الدينامية الاقتصادية المتسارعة التي يشهدها المغرب، يبرز هذا المعرض كدليل آخر على قدرته على استضافة أحداث دولية تعزز مكانته كمنصة للابتكار والشراكة الإقليمية والدولية. مع تزايد الطلب العالمي على المعادن الحيوية للانتقال الطاقي، قد يكون هذا الحدث نقطة تحول لقطاع التعدين في أفريقيا، حيث يُعيد تعريف دوره كمحرك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.