كلمة وزير العدل خلال المنتدى العلمي الدولي حول “دور البحث العلمي في رصد اتجاهات الجريمة وتحليل الظواهر الإجرامية”
كلمة وزير العدل خلال المنتدى العلمي الدولي الذي نظمته وزارة العدل ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكارحول “دور البحث العلمي في رصد اتجاهات الجريمة وتحليل الظواهر الإجرامية”، يومي 15 و16 نونبر 2024 بفندق Conrad Rabat Arzana، جائت على الشكل التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار المحترم،
السيدة سفيرة الاتحاد الأوروبي في المغرب المحترمة،
السيدة رئيسة مكتب مجلس أوروبا بالمغرب المحترمة،
السيدات والسادة رؤساء الجامعات،
السيدات والسادة الخبراء،
حضرات السيدات والسادة، كل باسمه وصفته،
يشرفني أن أفتتح معكم أشغال هذا المنتدى العلمي الدولي الذي تنظمه وزارة العدل ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، حول “دور البحث العلمي في رصد اتجاهات الجريمة وتحليل الظواهر الإجرامية.” هذا المنتدى يُعد أول لقاء علمي من نوعه يجمع نخبة من المهنيين والخبراء والباحثين من مؤسسات وطنية ودولية، بهدف مناقشة التحديات المعاصرة في مجال رصد الجريمة وتحليل ظواهرها وتوجهاتها.
إن المملكة المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تولي أهمية قصوى لتطوير منظومة العدالة الجنائية، وهو ما انعكس في التوجيهات الملكية السامية التي أُعلنت في 20 غشت 2009، حيث أرست هذه التوجيهات الأساس لإنشاء المرصد الوطني للإجرام كآلية وطنية لرصد وتحليل الجريمة، واقتراح حلول فعّالة للتصدي لها والوقاية منها.
وقد ارتأينا أن يكون هذا المنتدى العلمي خطوة رئيسية ضمن جهود وزارة العدل في سياق تفعيل دور المرصد الوطني للإجرام، والتأكيد على التزامنا بتعزيز البحث العلمي في رسم السياسة الجنائية. نحن ملتزمون بالتعاون مع الجامعات والمختبرات ومراكز البحث الوطنية والدولية، وهو ما سيتجسد من خلال توقيع عدد من اتفاقيات الشراكة مع مؤسسات بحثية متخصصة.
وفي هذا السياق، تؤكد وزارة العدل على أهمية الدور الذي يلعبه البحث العلمي في تطوير السياسات والعدالة الجنائية، إذ يشكل هذا المنتدى لبنة أولى لتعزيز دور المرصد الوطني للإجرام، بهدف وضع استراتيجيات متكاملة وسياسات استباقية تستند إلى بيانات دقيقة وتحليلات علمية متقدمة. وندرك أن اعتماد التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، سيتيح لنا التحليل التنبؤي للتوجهات الإجرامية الناشئة، مما يمكننا من مواجهة الجرائم المستحدثة بفعالية ويعزز من قدرتنا على استشراف التطورات المستقبلية.
أيها الحضور الكريم،
اليوم، نحن أمام تحديات تتطلب منا تنسيقاً وتكاملاً بين الجهات الفاعلة، سواء كانت حكومية أو أكاديمية أو مجتمعية. فالظواهر الإجرامية تتسم بتعدد أبعادها وتشابك العوامل المؤثرة فيها، ما يجعل من الضروري تعزيز التعاون المشترك وبناء شراكات قوية. ومن هنا يأتي دور المرصد الوطني للإجرام كجسر بين القطاعات المختلفة، يجمع بين الخبرات البحثية والأمنية، مما يمكننا من بناء منظومة شاملة لمواجهة التحديات الراهنة، وتحقيق أثر مستدام يعزز الأمن المجتمعي ويكرس سيادة القانون.
لذا، ندعو كافة المؤسسات الأكاديمية والبحثية، وجميع الجهات الحكومية وغير الحكومية، إلى مواصلة التعاون والعمل المشترك لتحقيق رؤيتنا المشتركة في تحقيق الأمن المجتمعي وتكريس مفهوم العدالة الوقائية. إن هذا المنتدى يُعد فرصة ثمينة لتبادل الآراء والخبرات، ومناقشة أفضل التجارب الوطنية والدولية في مكافحة الجريمة، ما يتيح لنا اكتساب رؤى جديدة تساعدنا على تطوير آلياتنا وتحديث أدواتنا لمواجهة التحديات الأمنية المتجددة.
نتطلع أن تسهم مخرجات هذا المنتدى في صياغة توصيات عملية تكون قاعدة لاستراتيجيات فعالة لمكافحة الجريمة، وتوفر لصناع القرار والممارسين أدوات تُمكنهم من بناء سياسات مبنية على أسس علمية ومعطيات دقيقة. ونسعى إلى تحويل هذه التوصيات إلى خطط عمل ملموسة قابلة للتنفيذ، بما يساهم في بناء مجتمع آمن ومستقر، ويساهم في تحقيق رؤيتنا نحو مغربٍ مزدهر.
وفي الختام، أتوجه بخالص الشكر والتقدير لجميع الشركاء الذين ساهموا في تنظيم هذا المنتدى العلمي، وعلى رأسهم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والاتحاد الأوروبي، ومجلس أوروبا، والجامعات ومراكز البحث المشاركة، والشكر موصول لجميع الخبراء والباحثين والمشاركين من داخل المملكة وخارجها الذين لبوا الدعوة للمشاركة معنا في هذا الحدث الهام. إن تواجدكم اليوم يعكس التزامكم الراسخ بدعم البحث العلمي في خدمة الصالح العام.
نرجو أن يثمر هذا المنتدى عن توصيات عملية تُسهم في تعزيز الجهود الوطنية وتكرس ثقافة التعاون العلمي من أجل خدمة الوطن وحماية أمنه واستقراره.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.