الكاتــب: رضـوان اللـه العطلاتــي
موضوع الهجرة السرية هو واحد من القضايا الأكثر حساسية التي تواجه المجتمع المغربي اليوم، هذه الظاهرة لا تعبر فقط عن الرغبة في تحسين الظروف المعيشية بل تعكس أزمة أعمق تتعلق بالشعور بالانتماء والإحساس بالتهميش الذي يعاني منه بعض الشباب المغربي.
فحتى الأغاني، والمقاطع الموسيقية التي تتردد حول الهجرة والغرباء، ليست فقط مجرد تعبيرات فنية بل هي أصداء لما يدور في أذهان هؤلاء الشباب الذين يعتقدون أنهم فقدوا الأمل في بناء مستقبل في وطنهم.
الشباب، الذين نراهم يحاولون عبور البحر، هم غالباً ضحايا أوهام كبيرة. ففي ظل الأزمات الاقتصادية، والفقر، والبطالة، أصبح البحر وسيلة هروب أكثر من كونه وسيلة أمل.
للأسف، الكثيرون لا يدركون أن “الحركة”، كما تُسمى، قد تكون هروبًا من واقع صعب إلى مصير أسوأ، كالغرق في أعماق البحر أو الوقوع في أيدي السلطات في بلدان المهجر قد يكون المصير الأكثر شيوعًا والقصة الأكثر واقعية، بينما النجاح يبقى محض استثناء بنسبة ضعيفة جدا.
في هذا السياق، يجب علينا أن نتساءل: هل يُعدّ الوطن هو السبب الوحيد وراء هذه المعاناة؟ هل الدول الأخرى هي فعلاً “الجنة” التي يُصوّرها الحالمون؟
الشباب الذين اختاروا الهجرة غالبًا ما يتجاهلون أن من بين متطلبات النجاح في الخارج يجب؛ أولاً أن يكون لديهم أساسات متينة هنا في الداخل، فلا يمكن الهروب من المسؤولية تجاه الذات والمجتمع بمجرد التفكير أن الحل يكمن في بلد آخر ويكون المغرب هو “الشماعة” التي يعلقون عليها فشلهم.
الأغاني التي تتحدث عن الحلم الإسباني أو “النشيد الوطني” للمهاجرين غير الشرعيين الذي يتردد في بعض الأوساط، ليست سوى تعبير عن تمرد على واقع مرير، لكن هذه الأغاني لا تتحدث عن الجانب المظلم من الهجرة والذي سميته “بوجه الشيطان”، عن الأمهات اللاتي يبكين في انتظار عودة أبنائهن أو حتى مجرد خبر عنهم، أو عن الآباء الذين يفقدون أبناءهم في البحر أو في الغابات الكبيرة والمخيفة.
هناك جانب آخر من المشكلة وهو التهميش الذي يشعر به بعض الشباب في بلادهم، فعدد منهم يتحدث عن “بلاد الحكرة”، حيث يشعر الكثيرون بغياب فرص لهم، مما يدفعهم إلى الهروب. لكن في المقابل، يمكننا أن نرى كيف استطاع الشباب آخرون بناء مستقبلهم هنا، في المغرب، رغم الصعوبات؛ الفرق بين هؤلاء وهؤلاء يكمن في الطريقة التي تعاملوا بها مع تحديات الحياة.
الهجرة غير الشرعية ليست هي الحل، بل هي خيار قد يكون محفوفًا بالمخاطر. ومن هنا، تأتي مسؤولية الحكومات والمجتمع في تقديم بدائل واقعية لهؤلاء الشباب، فبناء مدارس أفضل، تطوير برامج تدريبية ومهنية، وتشجيع ريادة الأعمال، قد تكون خطوات نحو تحسين الواقع والحد من انتشار فكرة الهجرة الجماعية كحل وحيد.
أقول دائما الهروب ليس الحل الأمثل، بل التصدي للمشاكل ومحاولة إصلاح الأمور من الداخل هو الطريق الأفضل، فالشباب الذين يختارون البقاء والعمل على تحسين أنفسهم ووطنهم، هم بالفعل الأبطال الحقيقيون الذين يساهمون في بناء مستقبل أفضل لهذا الوطن الجميل.
المصدر: Alalam24