بقلم: إدريس زويني
لم يعد الشارع المغربي غاضبا فحسب، بل متعبا من الانتظار.
سنوات من الوعود بالإصلاح في التعليم، والصحة، والشغل لم تنتج سوى مزيد من الفجوات بين الخطاب والواقع.
واليوم، أمام موجة الاحتجاجات الصامتة والمعلنة، يطفو على السطح سؤال جوهري يتجاوز رد الفعل السياسي:
ما دور ممثلي الأمة حين يسحب المجتمع الثقة من الحكومة ؟
بين النص الدستوري ووالواقع السياسي.
في تصريح لأحد الوزراء مؤخرا ان الاحتجاجات لا تسقط الحكومة، وأضاف: تظاهروا كما شئتم، فقد أصبحت المظاهرات عادة مغربية… أكثر من 65 مظاهرة ضدي وما زلت وزيرا.
وهو في ذلك محِق من الناحية الدستورية، لأن المادة 47 لم تفعل ضده.
فإقالة الحكومة في المغرب ليست نتيجة غضب الشارع، بل قرار مؤسساتي منظم يخضع لمقتضيات دستورية، من بينها الفصل 105 الذي يمنح مجلس النواب صلاحية إسقاط الحكومة عبر ملتمس الرقابة.
لكن حين يعجز البرلمان عن أداء هذا الدور، يتحول الشارع إلى برلمان مواز، يعبر عن نبض الأمة بطريقته الخاصة.
فالاحتجاجات لا تسقط الحكومات قانونيا، لكنها تسقطها معنويا واجتماعيا، لأنها تكشف عجزها وتضعها أمام سؤال الشرعية الاجتماعية لا الدستورية فقط.
حين تتحول المدرسة إلى عبء، والمستشفى إلى خوف، والشغل إلى حلم مؤجل، يصبح التمسك بالشرعية الدستورية غطاء لعجز اجتماعي صارخ.
الإقالة ليست عقوبة… بل تصحيح للمسار
الإقالة في النظام السياسي المغربي ليست عقوبة سياسية، بل آلية تصحيح مؤسساتي حين تفقد الحكومة شرعيتها الاجتماعية.
إنها فرصة لإعادة التوازن بين النص والواقع، بين السلطة والمسؤولية، وبين الدولة والمجتمع.
ما يحتاجه المغرب اليوم ليس تغيير الأشخاص، بل إعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات، وتحويل الغضب الشعبي إلى طاقة إصلاح لا طاقة فوضى.
اختبار البرلمان
مع اقتراب الدخول البرلماني، يبرز سؤال حاسم:
هل سيجرؤ ممثلو الأمة على تفعيل ملتمس الرقابة وممارسة مسؤوليتهم الدستورية؟
أم سيكتفون بمقاعد المتفرجين، تاركين الشارع يتحدث باسمهم؟
لقد أصبح ملتمس الرقابة اليوم اختبارا حقيقيا للطبقة السياسية المغربية.
فإما أن تبادر أالأحزاب إلى تفعيله بشجاعة ومسؤولية وطنية،
وإما أن تثبت للرأي العام أنها شريكة في العجز أو متواطئة بالصمت.
وفي الحالتين، التاريخ لا ينسى من دافع عن الوطن، ومن دافع عن موقعه.
السياسة ليست سلطة… بل مسؤولية
السياسة في جوهرها ليست سلطة ولا امتيازا، بل مسؤولية أمام الوطن.
ومن يتجاهل صوت الشارع اليوم، قد يجد نفسه غدا خارج معادلة الشرعية التي تمنح لا بالقانون فقط، بل بثقة المواطن.