صادق مجلس النواب، خلال جلسة تشريعية عُقدت أمس الثلاثاء21 ماي الجاري، على مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 بأغلبية 130 صوتًا مقابل معارضة 40 نائبًا، في غياب أي امتناع عن التصويت.
وجاءت المصادقة عقب نقاش دام أكثر من ثماني ساعات، عكست التفاعل الكبير مع التعديلات المقترحة من قبل البرلمانيين، والتي بلغ عددها الإجمالي 1384 تعديلًا، تم قبول جزء مهم منها فيما رُفض البعض الآخر لأسباب تتعلق بالصياغة أو تعارض المضمون مع المبادئ العامة التي تأسس عليها النص.
في كلمة تقديمية، وصف وزير العدل عبد اللطيف وهبي هذا المشروع بأنه محطة مفصلية في مسار تحديث المنظومة الجنائية المغربية، مؤكّدًا أنه لا يقتصر على كونه قانونًا عاديًا، بل يشكل بمضمونه «دستورًا للعدالة الجنائية»، نظراً لما يحمله من إجراءات متقدمة تكرّس التوازن بين حماية النظام العام وصون الحقوق الفردية.
وأضاف الوزير أن النص ينسجم مع التحولات الدستورية والالتزامات الدولية التي تبنتها المملكة، ويسعى إلى تعزيز ثقة المواطن في العدالة من خلال تقوية دور الدفاع وتوفير شروط المحاكمة العادلة.
من جهة أخرى، تضمّن المشروع مستجدات نوعية، منها تكريس مبدأ قرينة البراءة، ومنع اعتبار الصمت اعترافًا ضمنيًا، بالإضافة إلى تعزيز الضمانات القانونية أثناء التحقيق الإعدادي.
كما نص على حماية ضحايا الاتجار بالبشر وفقًا للمعايير الدولية، واعتماد أدوات رقمية حديثة في المسطرة الجنائية، إلى جانب ترشيد حالات الاعتقال الاحتياطي، وتسهيل الإفراج وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحكومين، لا سيما عبر تيسير رد الاعتبار وتأدية الغرامات.
في المقابل، شدّد وهبي على أن المشروع يندرج ضمن تصور شامل لعصرنة العدالة الجنائية، ويتكامل مع قوانين إصلاحية أخرى مثل العقوبات البديلة وتنظيم المؤسسات السجنية، ما يؤشر على إرادة سياسية واضحة لإرساء منظومة قضائية متقدمة ومتوازنة تواكب تطلعات المجتمع وتحولات الزمن القضائي المعاصر.