في إطار التوجه الاستراتيجي نحو تعزيز الأمن المائي والطاقي في المغرب، أقدمت شركة طاقة المغرب، في تحالف مع شركة ناريفا وصندوق محمد السادس للاستثمار، على توقيع ثلاث مذكرات تفاهم يوم أمس الاثنين 19 ماي الجاري، مصحوبة باتفاقيات تنموية طموحة، باستثمار ضخم يبلغ نحو 130 مليار درهم بحلول عام 2030.
وتهدف هذه الخطوة إلى إرساء منظومة متكاملة تجمع بين إنتاج الطاقة منخفضة الكربون، وتحلية مياه البحر، وتقوية شبكة نقل الكهرباء والماء، مما يعزز الاستقلالية والسيادة في مجالَي الطاقة والماء.
هذه الاتفاقيات تأتي امتدادًا للإعلان المشترك الذي وُقّع في ديسمبر 2023 عقب الزيارة الرسمية التي قام بها الملك محمد السادس إلى دولة الإمارات، والتي خلُصت إلى أولويات جديدة للتعاون الثنائي، وعلى رأسها الاستثمار في مجالات الماء والطاقة والتنمية المستدامة.
وتشكل المشاريع المبرمجة تنفيذًا فعليًا لهذا الإعلان، إذ تروم تأهيل البنيات الأساسية وتنويع مصادر التزود بالماء والطاقة بشكل يواكب التحولات البيئية والاقتصادية التي يعرفها العالم.
البرنامج يشمل عدة محاور محورية، أبرزها إنشاء قدرة إضافية لتحلية مياه البحر تصل إلى 900 مليون متر مكعب سنويًا، إلى جانب نقل 800 مليون متر مكعب من المياه عبر ما يُعرف بمشروع الطريق السيار المائي، وهو ما سيُمكن من تجاوز معضلة ندرة المياه، خاصة في المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي. ومن المنتظر أن تشتغل هذه المنشآت باستخدام الطاقة الخضراء التي ستُطورها شركة طاقة المغرب وشركاؤها، في تكامل واضح بين الطموحين البيئي والاقتصادي.
من جهة أخرى، يشمل البرنامج إعادة تشغيل محطة الغاز في تهدارت بطاقة 400 ميغاواط، مع إضافة نحو 1100 ميغاواط أخرى ضمن مشاريع الدورة المركبة للغاز، بما يعزز القدرة الإنتاجية للكهرباء بوسائل نظيفة وفعالة.
كما سيتم إنشاء خط كهربائي جديد بتقنية التيار المستمر العالي الجهد يربط جنوب المغرب بوسطه، بطاقة تصل إلى 3000 ميغاواط، وهو ما سيمكن من نقل الفائض من الطاقة المتجددة إلى المناطق الأكثر استهلاكًا.
ويتضمن البرنامج أيضًا إحداث مشاريع طاقة خضراء بطاقة 1200 ميغاواط في إطار عقود تزويد مباشر مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
وتُعد هذه المشاريع ثمرة شراكة متوازنة، إذ سيتم امتلاكها بالتساوي بين طاقة المغرب وناريفا، مع مشاركة بنسبة 15% لصندوق محمد السادس للاستثمار، مما يبرز انخراط القطاع العمومي في هذه المبادرة دون أن يخل بالتوازن المالي والاستثماري.
رئيس مجلس إدارة شركة طاقة المغرب، عبد المجيد العراقي الحسيني، أكد في تصريح له أن هذه الشراكة بين القطاعين العام والخاص تمثل نقلة نوعية في مشهد الطاقة والماء بالمغرب، بالنظر إلى ما تحمله من فرص لتقوية البنيات التحتية وتحقيق تحوّل مستدام في النموذج التنموي الوطني، ويأتي هذا التوجه في وقت حاسم، حيث يُنتظر من المملكة مضاعفة جهودها لمواجهة التغيرات المناخية والطلب المتزايد على الموارد الحيوية.
تجدر الإشارة إلى أن شركة طاقة المغرب، التابعة لمجموعة أبوظبي الوطنية للطاقة، تساهم حاليًا بنسبة 34% من الإنتاج الوطني للكهرباء، وهي مدرجة ببورصة الدار البيضاء منذ 2013.
وقد قررت البورصة تعليق تداول أسهم الشركة في إجراء وقائي روتيني لحين صدور المعطيات الرسمية المتعلقة بهذه الاتفاقيات، وذلك حرصًا على تكافؤ الفرص بين المستثمرين وتفادي أي تأثيرات محتملة على سوق المال.