رسالة مفتوحة إلى الوزير قيوح.. مستقبل النقل الجوي واستثمار الكفاءات الوطنية

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع النقل الجوي بالمغرب، تتعالى الأصوات المطالبة بإعادة النظر في السياسات المتبعة، خصوصًا فيما يتعلق بالكفاءات الوطنية التي ساهمت في تحقيق إنجازات بارزة قبل أن تجد نفسها خارج دائرة التأثير والقرار، وقد شهد المغرب منذ سنة 2004، مع بدء تحرير النقل الجوي، تحولات كبرى أعادت رسم ملامح القطاع.

ومع توقيع اتفاق الطيران مع الاتحاد الأوروبي سنة 2006، انطلقت مرحلة جديدة جعلت من المغرب فاعلًا رئيسيًا في المجال، بفضل مجهودات كفاءات وطنية وضعت الأسس لمشاريع استراتيجية طموحة. لم تكن هذه المشاريع مجرد خطط على الورق، بل تحولت إلى واقع ملموس ساهم في تعزيز مكانة المغرب كوجهة دولية للطيران والسياحة.

استطاعت مديرية النقل الجوي، بفضل جهود أطرها، تحقيق إنجازات نوعية ساهمت في توقيع اتفاقيات ثنائية ودولية لتطوير المجال الجوي، وتحسين خدمات المسافرين من خلال آليات حديثة لمتابعة الشكاوى وتجويد الخدمات، وكذا إطلاق خطط لتطوير الشحن الجوي وتعزيز البنية التحتية للمطارات، والتنسيق بين مختلف الفاعلين في القطاع، من شركات الطيران إلى الجهات الحكومية.

لكن رغم هذه الجهود، فإن عدداً من البرامج والاستراتيجيات التي كانت تهدف إلى استكمال مسيرة التطوير لم تُستغل بالشكل الأمثل، مما أدى إلى تباطؤ بعض المشاريع التي كان من شأنها رفع أداء القطاع إلى مستويات أعلى.

الحديث عن تطوير قطاع الطيران لا يمكن أن يقتصر على وضع الخطط، بل يتطلب إشراك الكفاءات التي تمتلك الخبرة والتجربة، والاستفادة من الرصيد البشري الذي عمل لسنوات على بناء هذا القطاع. فالمغرب، باعتباره دولة ذات موقع استراتيجي، لديه إمكانيات كبيرة ليصبح مركزًا إقليميًا للطيران، لكن ذلك يستدعي إعادة هيكلة بعض الجوانب وضمان بيئة عمل تشجع على الإبداع والتطوير. فالموارد البشرية المؤهلة التي اكتسبت خبرات واسعة من خلال التعامل مع مختلف الشركاء الدوليين، تحتاج إلى تمكينها من مواصلة العمل والمساهمة في الرفع من تنافسية المغرب على المستوى الدولي.

وفي ظل الرهانات التي يواجهها المغرب، من تعزيز النقل الجوي إلى استقطاب المزيد من السياح والمستثمرين، فإن فتح المجال أمام جميع الكفاءات للمساهمة في تحقيق هذه الأهداف يعد خطوة ضرورية. تحقيق الاستراتيجيات المستقبلية يتطلب تضافر الجهود وتكامل الرؤى، لضمان أن يستمر القطاع في مسار النمو والتحديث، بما يعكس صورة المغرب الطموحة والمتطورة.

وزارة النقل الجوي، بما تمتلكه من إمكانيات، قادرة على إرساء سياسات أكثر انفتاحًا على الكفاءات، ووضع خطط عملية تعزز من مكانة المغرب في الساحة الدولية. والفرصة اليوم قائمة لترسيخ ثقافة التميز في هذا القطاع، عبر تفعيل مبادرات تضمن استمرارية الإنجازات التي تحققت، وتفتح المجال أمام كل الطاقات الفاعلة للمشاركة في تحقيق رؤية المغرب 2035 في مجال الطيران المدني.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...