خطوة حاسمة في مشروع نفق جبل طارق بين المغرب وإسبانيا

أقدمت الحكومة الإسبانية على خطوة حاسمة في مسار مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق، بعدما كلفت شركة إينيكو الحكومية بإعداد التصور الهندسي المفصل لأول نفق استكشافي بين الضفتين، في ما يُعدّ أهم تقدم يُسجَّل منذ انطلاق أولى الدراسات قبل حوالي نصف قرن.

القرار صدر عن الهيئة الإسبانية المكلفة بدراسات الربط القارّي عبر المضيق (SECEGSA) التابعة لوزارة النقل، بموجب وثيقة مؤرخة في 3 نونبر 2025، خُصص لها غلاف مالي يقارب مليون يورو من ميزانية خطة التعافي الأوروبية.

وبموجب هذا التفويض، يتعيّن على شركة إينيكو تحديث المرحلة التمهيدية الكاملة للمشروع قبل غشت 2026، في أول مراجعة شاملة منذ إصدار نسخة سنة 2007.

وتتضمن خارطة الطريق الجديدة إعداد التصميم الهندسي الدقيق لـ”الغاليريا”، أي النفق الاستكشافي الذي سيربط بين بونتا بالوما في الجنوب الإسباني وبونتا مالباطا على الساحل المغربي. وسيكون الهدف من هذا النفق اختبار الواقع الجيولوجي في المنطقة الأكثر حساسية داخل المضيق، خصوصاً عند الممرات القديمة التي طالما شكلت أكبر الصعوبات التقنية.

وتشير الدراسات المحدثة إلى أن التطور التكنولوجي الحالي يجعل حفر هذا النفق ممكناً، خلافاً لتقييمات 2007 التي اعتبرت العملية شبه مستحيلة. ومن المحتمل أيضاً أن يُدمج هذا النفق لاحقاً في المشروع النهائي كممر لخدمات الطاقة والاتصالات أو كنفق أمان إضافي.

كما يشمل التكليف مراجعة كاملة لمسار الجزء الإسباني من المشروع، وتحديد الموقع النهائي لمحطة الانطلاق الشمالية، التي ترجح آخر الدراسات إقامتها في فيخير دي لا فرونتيرا، مع تقييم ربطها بشبكة القطارات بين قادس وإشبيلية، إلى جانب تصور مداخلها وتكاملها الحضري واللوجستي.

وسيتم بالموازاة إعادة بناء الفصول الجيولوجية والهيدروجيولوجية للمشروع، وتحيين الخرائط والبيانات البرية والبحرية، ودراسة النشاط الزلزالي ومواد البناء الممكن اعتمادها. كما تُفرض مراجعة منظومات السلامة والتهوية وفق المعايير الأوروبية، بما في ذلك محاكاة تفصيلية لسيناريوهات الحرائق.

وينص التفويض على أن تُسلّم إينيكو التصميم النهائي قبل 30 يونيو 2026، ثم تُنجز النسخة الكاملة للمرحلة التمهيدية قبل نهاية غشت من السنة نفسها، دون إمكانية تمديد الآجال وفق شروط التمويل الأوروبي. ويتطلب تنفيذ هذه المهام أكثر من 15 ألف ساعة عمل هندسي، بمشاركة خبراء في التخطيط والجيولوجيا والسلامة.

وحسب التقديرات الأولية، قد تُطلق مناقصة حفر النفق الاستكشافي ابتداءً من سنة 2027، فيما يُرتقب أن تبدأ الأشغال الميدانية قرابة 2030. أما النفق الرئيسي الخاص بالربط الحديدي لنقل المسافرين والبضائع، فيُتوقع أن يرى النور ما بين 2035 و2040، بكلفة قد تتجاوز 8.5 مليارات يورو من الجانب الإسباني فقط.

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...