استعرض وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال اجتماع مجلس الحكومة المنعقد أمس الخميس 4 شتنبر الجاري، مشروع قانون جديد يروم مراجعة وتحديث الإطار القانوني المتعلق بتعويض المصابين في حوادث السير الناتجة عن العربات ذات محرك، في خطوة تهدف إلى تكريس مزيد من الإنصاف والعدالة الاجتماعية.
وقدّم الوزير، في عرضه أمام المجلس، معطيات رسمية تظهر حجم الإشكال، حيث بلغ عدد الحوادث المسجلة لدى شركات التأمين سنة 2024 حوالي 655 ألف حادثة، من بينها 143 ألف حادثة جسمانية تسببت في وفاة 4024 شخصاً. وبلغ مجموع التعويضات المؤداة من طرف شركات التأمين ما يفوق 7,9 مليار درهم، ما يعكس العبء المالي والإنساني الكبير لهذه الحوادث.
أحد أبرز المستجدات التي جاء بها المشروع هو توسيع فئة المستفيدين لتشمل لأول مرة شرائح اجتماعية لم تكن مشمولة بالتغطية سابقاً، من بينها:
– الأبناء المكفولون
– الأزواج غير القادرين على الإنفاق
– الطلبة والمتدربون
– خريجو مؤسسات التعليم العالي والتكوين المهني الذين لم يلجوا بعد سوق الشغل
هذا التوجه الجديد يعكس وعياً متزايداً بضرورة مراعاة الواقع الاجتماعي المتغير، والاعتراف بحق فئات كانت مهمشة في منظومة التعويضات.
ويقترح النص القانوني الجديد إصلاحاً شاملاً لآليات احتساب التعويضات، من أبرزها:
– استثناء مصاريف الجنازة والتعويض المعنوي عن الألم من مبدأ تقاسم المسؤولية، ما يضمن تعويضاً كاملاً عن هذه النفقات.
– اعتماد حرية الإثبات في ما يخص الدخل أو الكسب المهني، وهو ما يسمح للفئات العاملة في القطاع غير المهيكل أو ذات الدخل غير القار بالاستفادة من تعويضات عادلة.
– مراجعة دورية للحدين الأدنى والأقصى للأجر المعتمد في احتساب التعويض، لتكون كل خمس سنوات، بدلاً من ربطها بالوظيفة العمومية كما في السابق.
وينص المشروع على رفع الحد الأدنى للأجر المعتمد في التعويض بنسبة 54% تدريجياً، ليصل من 9.270 درهماً إلى 14.270 درهماً، ما سينعكس على زيادة متوقعة في متوسط التعويضات بنسبة تصل إلى 33,7%.
كمثال على ذلك، فإن شخصاً يبلغ من العمر 24 سنة، ويعاني من عجز بنسبة 20%، كان يحصل سابقاً على تعويض قدره 41.030 درهماً، لكن بموجب الإصلاح الجديد، سيرتفع تعويضه إلى 61.001 درهم.
تحسين تغطية المصاريف المرتبطة بالعلاج
ويشمل المشروع كذلك توسيع قائمة المصاريف القابلة للاسترجاع لتشمل:
– تكاليف إصلاح أو استبدال الأجهزة التعويضية
– التحاليل والفحوص الطبية المرتبطة بالإصابة
كما تم إلغاء السقف الأقصى للاستفادة الذي كان محدداً سابقاً في نسبة 50%، ما يمنح للضحايا هامشاً أكبر من التغطية.
يراهن مشروع القانون الجديد على تحقيق نقلة نوعية في تعويض ضحايا حوادث السير، من خلال منظومة أكثر عدلاً وشمولية، تستجيب للتحولات الاجتماعية والاقتصادية، وتنسجم مع التزامات الدولة في ضمان الحقوق الأساسية للمواطنين.
وأكد وزير العدل أن هذا المشروع يأتي في إطار تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بحق الضحايا في تعويض منصف، وضمن رؤية الوزارة لتحديث التشريعات الوطنية، بما يعزز من العدالة الاجتماعية ويحمي الفئات .
