أثار إعلان فريق من الباحثين الأمريكيين عن تطوير علاج مناعي ثورة في مجال محاربة السرطان، بعدما كشفوا عن دواء جديد قادر على القضاء على الأورام دون الحاجة إلى الجراحة أو العلاج الكيميائي.
هذا الإنجاز الذي خرج إلى العلن من مركز “ميموريال سلون كيتيرينغ” لأبحاث السرطان في نيويورك، يشكل لحظة فاصلة في تاريخ علاجات الأورام، إذ يقدم مقاربة مختلفة تمامًا، ترتكز على تحفيز الجهاز المناعي وتمكينه من كشف الخلايا السرطانية وتدميرها.
العقار الجديد المعروف باسم “دوستارليماَب” ينتمي إلى فئة الأجسام المضادة التي تستهدف بدقة الخلايا السرطانية، وقد جاءت نتائجه الأولية مثيرة للإعجاب.
ففي دراسة شملت 103 مصابين، اختفت أورام سرطان المستقيم بشكل تام لدى 43 منهم، دون الحاجة إلى أي تدخل جراحي أو علاج إشعاعي، وظلت النتائج مستقرة طوال خمس سنوات دون تسجيل أي حالات انتكاس.
أما في أنواع أخرى من السرطان مثل الكبد والمعدة والمريء، فقد أظهرت المؤشرات تحسناً ملموسًا في أكثر من 35 حالة، من خلال تقلص حجم الأورام وزيادة احتمالات البقاء.
ما يجعل هذا العلاج ثورياً هو آليته الذكية في التعامل مع الخلايا الخبيثة. فالخلايا السرطانية عادة ما تُنتج بروتينات تمنع جهاز المناعة من التعرف عليها، في ما يشبه درعاً حامياً. لكن “دوستارليماَب” ينجح في إزالة هذا القناع، مما يسمح للجسم بأن يتعرف على التهديد ويتدخل لتدميره بشكل طبيعي. غير أن هذا الاختراق العلمي لا يخلو من التحديات، أبرزها كلفته الباهظة، إذ تصل الجرعة الواحدة إلى 11 ألف دولار، ويتطلب العلاج الكامل تسع جرعات، مما يجعله في الوقت الراهن بعيد المنال عن غالبية المرضى. كما أن فعاليته ما زالت محدودة في بعض أنواع السرطان دون غيرها.
ورغم ذلك، لا يخفي الأطباء تفاؤلهم، إذ ينظرون إلى هذه الخطوة باعتبارها بداية تحول جذري قد يشمل مستقبلًا أنواعًا أوسع من السرطان. وإذا ما تم تجاوز العقبات المالية والتقنية، فقد نكون على أعتاب عصر جديد تنقلب فيه موازين المعركة مع هذا المرض المعقد.