كشفت تقارير صحفية عن تفاصيل جديدة تتعلق بموجة من الاستفسارات التي وجهتها المصالح المركزية بوزارة الداخلية إلى عدد من رؤساء الجماعات عبر عمال الأقاليم، وذلك في إطار مهام التفتيش السابقة.
هذه الاستفسارات التي طالت بالخصوص رؤساء أقسام التعمير في جماعات محيط الدار البيضاء والرباط، جاءت على خلفية خروقات تم رصدها في عمليات منح رخص السكن.
وتمحورت الاستفسارات حول الشبهات المتعلقة بفبركة تعليلات مغلوطة واستخدامها في سجلات الرخص، ما يثير تساؤلات حول تورط بعض الموظفين في التلاعب والتواطؤ في منح تراخيص سكن لعدد من المشاريع غير المطابقة للقوانين المعمول بها.
وتشير التقارير إلى أن التحقيقات لا تقتصر على المنتخبين المهددين بالعزل الإداري بموجب المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات، بل تمتد إلى موظفين جماعيين، خصوصًا في صفوف التقنيين المتورطين في التلاعب بالوثائق المتعلقة بالتعمير.
وقد كشفت المؤشرات عن ثراء مفاجئ لبعض هؤلاء الموظفين، مما يفتح الباب أمام تحقيقات قضائية قد تشمل جميع المعنيين بهذه الملفات.
تركز الاستفسارات، التي شملت تقارير تفتيشية من المفتشية العامة للإدارية الترابية، على مدى احترام المسؤولين في هذه الجماعات للقوانين المتعلقة بالتعمير، خاصة المرسوم رقم 2.13.424 الذي يحدد الضوابط المعتمدة في تسليم الرخص وشهادات المطابقة.
كما تم التشديد على التراخي في عمليات المراقبة والزيارات الميدانية للأوراش قيد الإنشاء، حيث تبين أن بعض المسؤولين اكتفوا بزيارة المواقع التي انتهت بها الأشغال، ما سمح بمرور العديد من المشاريع العقارية غير المطابقة للقانون.
وتبين من خلال التقارير أن فسادًا واسع النطاق كان وراء منح تراخيص سكن لعدة مشاريع غير قانونية، وسط شبهات حول التلاعب في تسليم رخص البناء وشهادات المطابقة، وهو ما أدى إلى تنامي المشاكل القانونية والتقاضية في العديد من المشاريع العقارية. وقد أظهرت التحقيقات تورط بعض رجال السلطة المحليين في تغاضيهم عن مخالفات التعمير، بما في ذلك بناء عشوائي لم يتم ترخيصه، في حين تم تزويد هذه المباني غير القانونية بالماء والكهرباء، ما يعكس فشل السلطات في فرض احترام قوانين التعمير.
في هذا السياق، وجه وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت تعليمات إلى رؤساء الجماعات بضرورة وقف تسليم التراخيص للمستثمرين حتى يتم تسوية ديونهم المستحقة، وهو ما أثار جدلاً حول ربط إجراء منح تراخيص البناء بأداء الديون، وهو ما اعتبر سلوكًا غير قانوني ومخالفًا للممارسات الإدارية السليمة. وأكدت وزارة الداخلية على ضرورة فصل إجراءات الترخيص عن عمليات التحصيل، مع التأكيد على ضرورة تطبيق كافة المراحل القانونية بشكل مستقل لضمان نزاهة العملية.
من جهة أخرى، امتدت التحقيقات إلى التدخلات المريبة لبعض التقنيين في رقمنة رخص البناء عبر المنصة الإلكترونية الخاصة بتدبير رخص التعمير في جهة الدار البيضاء سطات. حيث تم الكشف عن تورط بعض المهندسين المعماريين في تأجير أختامهم إلى تقنيين في مصالح التعمير مقابل مبالغ مالية، ما يعزز من الشكوك حول التلاعب بالوثائق والإجراءات القانونية المتعلقة بالتعمير.