في خطوة نوعية تعكس تحوّلًا جذريًا في المشهد الحضري لمدينة القنيطرة، انطلقت استعدادات لتنفيذ حزمة من المشاريع التنموية الكبرى التي تمّت برمجتها ضمن فائض ميزانية 2024. هذه المبادرات، التي تتجاوز قيمتها الإجمالية 130,000,000 درهم، ليست مجرد أرقام على الورق، بل تحمل بين طياتها ملامح مستقبل أكثر تطورًا، حيث تتجه المدينة نحو تعزيز بنيتها التحتية وتحسين جودة الحياة لسكانها، في وقت أصبحت التنمية المحلية مرآة تعكس الرؤية الاستراتيجية الوطنية.
ما بين إنشاء أنفاق تحت الأرض بميزانية 40 مليون درهم لتخفيف الضغط المروري، وتطوير الطريق الدائري الشمالي بميزانية 30 مليون درهم لربط المدينة بمحيطها الطرقي الحيوي، تتسارع وتيرة التحضير لتنفيذ مشاريع تهدف إلى إعادة صياغة الفضاء العام بما يليق بمكانة القنيطرة كإحدى أهم الحواضر المغربية الصاعدة. ولم يغب عن الأجندة الاستثمار في تهيئة وتوسعة الطريق الدائري الجنوبي، حيث تم تخصيص 15 مليون درهم لهذا الغرض، إضافة إلى 8 ملايين درهم من أجل تهيئة فضاءات لتنظيم الباعة المتجولين، وهو ما يعكس توجّهًا نحو تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والانضباط العمراني.
على مستوى آخر، تحضر القنيطرة أيضًا كمركز للإبداع والصناعة التقليدية، حيث سيتم خلق قطب جديد للصناعات التقليدية بميزانية 6 ملايين درهم، في خطوة من شأنها إحياء هذا القطاع وتعزيز فرص الشغل. كما تشمل الخطة تهيئة وتجهيز البنايات الإدارية بمبلغ 5 ملايين درهم، ما يعكس حرص السلطات على تحسين جودة الخدمات الإدارية وتقديمها في بيئة حديثة ومجهزة.
ولأن التنمية لا تكتمل دون الاهتمام بالجوانب الاجتماعية، فقد تم تخصيص 2 مليون درهم لبناء مركب متعدد التخصصات للشباب بدون مأوى، مما يفتح آفاقًا جديدة للفئات الهشة، إلى جانب 4 ملايين درهم لتهيئة وتوسيع المنطقة الصناعية الساكنية، في خطوة تهدف إلى دعم النسيج الاقتصادي المحلي. أما فيما يخص البنية التحتية الحيوية، فقد تم تخصيص 2 مليون درهم لدعم المكتب الوطني للسكك الحديدية بهدف تنفيذ منشآت فنية لتحسين مرور القطارات، مما يواكب النمو المطّرد في حركة النقل السككي.
كما تشمل المشاريع تخصيص 4 ملايين درهم لإجراء الدراسات التقنية والمعمارية التي تضمن تنفيذ المشاريع بمعايير عالية الجودة. إضافة إلى ذلك، تم تخصيص 1.2 مليون درهم للتجهيزات العامة، و549 ألف درهم لاقتناء المعدات المعلوماتية والبرامج، مما يعكس إدراكًا واضحًا لأهمية الرقمنة في تطوير الأداء الإداري والخدماتي.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه قد تم تخصيص 5 ملايين درهم لإحداث وتجهيز مجزرة للدواجن، حيث يهدف هذا المشروع إلى تعزيز البنية التحتية لقطاع الجزارة، من خلال توفير فضاء مجهز وفق المعايير الصحية والبيئية، مما سيساهم في تحسين ظروف الذ..بح والتوزيع وضمان سلامة المنتجات الموجهة للاستهلاك.
تُعدّ هذه المشاريع، التي تنتظر المصادقة الرسمية قبل الشروع في التنفيذ، علامة فارقة في مسار القنيطرة التنموي، فبين تطوير البنية التحتية، وتعزيز الجاذبية الاقتصادية، والاهتمام بالفئات الاجتماعية، تبدو المدينة على مشارف مرحلة جديدة، حيث لا تقتصر التنمية على الإنجازات المادية، بل تمتد إلى بناء مجتمع أكثر تكافؤًا وازدهارًا.