“شظايا الجليد” للشاعر التونسي المولدي شعباني.. رحلة إبداعية تتحدى الزمن

ديوان “شظايا الجليد” للشاعر المولدي شعباني، يعد أحد أبرز الأعمال التي أضافت قيمة حقيقية للمشهد الأدبي العربي، لكونه يأتي في إطار مجموعة من الإصدارات المتميزة، مثل “رحيل النوارس”، “حنين الفؤاد”، “جبائل العنكبوت”، و”وجيب القلوب”، حيث يواصل فيه الشاعر استكشاف عالمه الشعري الممتد بين العواطف العميقة والتأملات الدقيقة في الحياة والوجود.

منذ بداية مسيرته الأدبية، نجح المولدي شعباني في فرض نفسه كواحد من أبرز الشعراء التونسيين والعرب، حيث تمكن من تقديم أعمال لا تقتصر على السرد الشعري البسيط، بل تتجاوز ذلك إلى خلق تفاعلات فكرية مع القارئ. في ديوانه الجديد “شظايا الجليد”، يستمر في تقديم رؤى جديدة للحياة، متجاوزًا تقليدية الشعر المعاصر ليمزج بين الخيال والواقع، ليكون شعره بمثابة رحلة نفسية وسلوكية عميقة.

وفي تقديمه لهذا الكتاب، يسلط الدكتور محمد صالح بن عمر الضوء على تلك الخاصية الفريدة التي يتمتع بها المولدي شعباني، حيث يشير إلى أن الشاعر لا يقتفي آثار النجوم الساطعة، بل يسعى إلى بناء مسار خاص به بعيدًا عن التقليد. وبهذا، يثبت أن الإبداع الشعري، في نظره، هو جوهر ينبع من الذات ولا يتوقف عند قوالب أو أساليب مسبقة، كما يشير إلى أن هذا الديوان يمثل انعكاسًا صادقًا لتفكير الشاعر وتفاعله مع الواقع والمشاعر الإنسانية.

حيث تتميز قصائد “شظايا الجليد” بقدرتها على إثارة الأحاسيس والمشاعر في القارئ، فتمتزج فيها اللغة الراقية بالمشاعر التي تصل إلى الأعماق، فهي دعوة لاستكشاف عوالم الشعور الإنساني في أبهى صوره، معززة بعناية فنية واضحة في بناء الصور الشعرية، فهذه المجموعة ليست مجرد عمل عابر، بل هي تجربة شاعرية تتطلب وقتًا للتأمل والتمتع بها، ويبدو أن الشاعر قد أعدها ليعيش معها القارئ أكثر من مجرد لحظة قراءة.

المولدي شعباني، الذي وُلد في 3 يوليو 1969 في مدينة المتلوي التونسية، ليس مجرد شاعر، بل هو أيضًا أستاذ متميز وأحد الأسماء البارزة في مجال الشعر العربي. حصل على شهادة الأستاذية في اللغة والآداب العربية عام 1998، مما يعكس اهتمامه العميق بالثقافة والأدب العربي.

إضافة إلى ذلك، فإن الشاعر عضو في العديد من الجمعيات الأدبية والثقافية المرموقة مثل اتحاد الكتاب التونسيين، وجمعية شعراء العالم، وجمعية شعراء بلا حدود، كما يساهم في الحياة الثقافية من خلال عضويته في هيئات تنظيم المهرجانات الشعرية في تونس، مثل مهرجان الشعر بالمتلوي ومهرجان المناجم.

فقد أثبت المولدي شعباني في كل إصداراته أنه ليس مجرد شاعر يتبع الطرق التقليدية، بل هو في سعي دائم لإثراء الشعر العربي بأسلوبه الخاص، حيث تظل مجموعة “شظايا الجليد” شهادة أخرى على هذا التميز، إذ تجمع بين التقاليد الشعرية القديمة واللمسات الحديثة التي تميز أدب اليوم، وبالرغم من أنها تُعتبر تجربة شاقة للقارئ، إلا أن الانغماس في تفاصيل القصائد وكلماتها يحمل لذة فكرية وجمالية لا تقتصر على الكلمات، بل تذهب أبعد من ذلك إلى النفوس.

إلى جانب كون “شظايا الجليد” إضافة قيّمة إلى المكتبة الشعرية العربية، يمكن اعتبارها فرصة للتمتع بشعر حقيقي يعكس الجمال والتأمل.

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...