“ديب سيك” الصيني يخلق ثورة في سوق الذكاء الاصطناعي.. تكنولوجيا رخيصة تهدد عمالقة وادي السيليكون

شهدت أسواق التكنولوجيا العالمية صدمة كبيرة بعد أن تجاوز تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني “ديب سيك” منافسيه، بما في ذلك ChatGPT، ليصبح التطبيق المجاني الأكثر تحميلًا في متجر آبل في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين.

هذا الانتشار المفاجئ دفع العديد من المستثمرين إلى بيع أسهم الشركات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل “نفيديا” و”مايكروسوفت” و”ميتا”، ما أثر سلبًا على أسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية.

ومع زيادة شعبية “ديب سيك”، أصبح السؤال حول قدرة الشركات الأمريكية على الحفاظ على ريادتها في هذا المجال في قلب النقاشات التقنية.

ويُعتقد أن “ديب سيك” يعتمد على نموذج “ديب سيك-ف3” المفتوح المصدر، الذي تم تطويره بتكلفة أقل بكثير من مليارات الدولارات التي أنفقتها الشركات الأمريكية على تطوير تقنياتها، لكن هذا الادعاء قوبل ببعض الانتقادات من قبل الخبراء الذين شككوا في صحة هذه المعلومات.

ما يثير الدهشة أن ظهور هذا التطبيق يأتي في وقت تشدد فيه الولايات المتحدة من قيودها على بيع تقنيات الرقائق المتقدمة إلى الصين، الأمر الذي دفع المطورين الصينيين إلى تبادل المعرفة مع بعضهم البعض وابتكار طرق جديدة تطلب طاقة حوسبة أقل، مما يخفض التكلفة بشكل كبير.

هذه الابتكارات أدت إلى ظهور نماذج للذكاء الاصطناعي يمكن تشغيلها على أجهزة أقل تكلفة، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا للعديد من الشركات الكبرى في وادي السيليكون.

وبعد إطلاق النسخة “ديب سيك-ر1” في وقت سابق من هذا الشهر، أعلن فريق “ديب سيك” عن أداء مماثل لأحدث نماذج شركة OpenAI في مجالات الرياضيات، البرمجة، والمنطق اللغوي الطبيعي.

هذا الإنجاز دفع بعض الخبراء مثل مارك أندريسن إلى وصف هذه اللحظة بـ”لحظة سبوتنيك للذكاء الاصطناعي”، في إشارة إلى مفاجأة الاتحاد السوفيتي للولايات المتحدة بإطلاقه أول قمر صناعي في 1957.

نتيجة لهذه التطورات، تراجعت أسهم شركات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل “ASML” و”سيمنز إنيرجي”، بنسبة كبيرة،  المحللون يعتقدون أن النموذج الصيني منخفض التكلفة قد يثير قلقًا بشأن أرباح المنافسين، خاصة في ظل الاستثمارات الضخمة التي قاموا بها في تقنيات أكثر تكلفة. وقد أشار مستشارون تقنيون إلى أن هذا النموذج قد يعطل سلسلة التوريد الكاملة للذكاء الاصطناعي.

من ناحية أخرى، حذرت “سيتي” من أن المشاكل التي تواجه الشركات الصينية قد تعرقل تقدمها، خاصة مع التحديات المتعلقة بالقيود المفروضة على استيراد الرقائق المتقدمة.

وفي سياق متصل، أُعلن عن “مشروع ستارغيت” الذي يهدف إلى استثمار 500 مليار دولار في بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في تكساس.

تأسست “ديب سيك” في عام 2023 على يد ليانغ وينفنغ، وهو خريج هندسة المعلومات والإلكترونيات من مدينة هانغتشو الصينية.

ويُذكر أن ليانغ كان قد جمع شريحة “نفيديا A100” التي تم حظر تصديرها إلى الصين، ودمجها مع شرائح أرخص لابتكار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الخاصة به.

ومع كل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: هل سيستمر “ديب سيك” في تحدي عمالقة الذكاء الاصطناعي، أم أن العوائق التقنية والسياسية ستؤثر على مستقبله؟

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...