تستمر المخاوف من أن تكون سنة 2025 هي السنة الثامنة من سنوات الجفاف التي يعاني منها المغرب منذ عام 2018، ما يهدد القطاع الفلاحي ويزيد من معاناة الفلاحين والمواطنين على حد سواء.
ومع تسارع تأثيرات الجفاف على الأراضي الزراعية، يشهد الفلاحون تراجعًا ملحوظًا في إنتاجهم الزراعي، مما ينعكس بشكل كبير على قدرتهم المالية.
وفي تصريحات أحد الفلاحين المتضررين، أشار إلى أن عدد الأبقار في مزرعته انخفض بشكل حاد من 300 إلى 35 بقرة فقط، ما يعكس الأزمة التي يواجهها القطاع الفلاحي، ويضطر العديد من العائلات في المناطق الريفية إلى البحث عن مصادر دخل بديلة في المدن، مثل العمل في المقاهي والمطاعم.
وتعتبر معاناة الفلاحين، الذين يعدون الحلقة الأضعف في هذه الأزمة، من أكبر التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني، حيث يتأثر المواطن المغربي مباشرة من ارتفاع الأسعار وندرة المنتجات الفلاحية.
وعليه، أكد المحلل الاقتصادي محمد جدري أن المغرب يواجه تحديًا مزدوجًا يتمثل في الحفاظ على النمو الاقتصادي في وقت يعاني فيه القطاع الفلاحي من تراجع غير مسبوق، ورغم المساعي الحكومية لتحقيق نسبة نمو 4.6٪، فإن القطاع الفلاحي ما زال يشكل عائقًا أمام بلوغ هذا الهدف، خاصةً بعد أن عجزت المملكة في السنوات الأخيرة عن تحقيق إنتاج الحبوب المقدر بـ 70 مليون طن.
وأشار جدري إلى أن القطاع الفلاحي لا يزال يعتمد بشكل كبير على التساقطات المطرية، مما يعرضه لمخاطر كبيرة في حال استمرت حالات الجفاف.
وأضاف أن الحكومة خصصت ميزانية كبيرة في العامين الماضيين لمواجهة تداعيات الجفاف، لكن الطريق ما زال طويلًا لتحقيق الأهداف المرسومة. وتبقى توقعات الإنتاج الزراعي خلال العام المقبل غير مؤكدة، ما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المملكة.
وفي الوقت نفسه، أشار الخبراء إلى أن المغرب مقبل على مرحلة مفصلية في تنفيذ المخطط الاستراتيجي للمياه 2020-2027، الذي سيحدد مصير القطاع الفلاحي في السنوات المقبلة. وبينما تبذل الحكومة جهودًا كبيرة لدعم الفلاحين، بما في ذلك تخصيص غلاف مالي قدره 12 مليار درهم لدعم الأنشطة الفلاحية، فإن التحدي الأكبر يكمن في تحقيق التوازن بين استدامة المياه وتنمية القطاع الزراعي.
وقد شمل هذا الدعم تمويل الزراعة باستخدام تقنيات الري التكميلي وتقديم بذور معتمدة بأسعار تحفيزية، بالإضافة إلى دعم تربية الماشية والمنتجات الحيوانية.
وما زال المغرب بحاجة إلى المزيد من السياسات الموجهة نحو تحسين تدبير موارده المائية، وتقديم الدعم المستمر للفلاحين المتضررين من الجفاف، لضمان استدامة الأمن الغذائي في المستقبل.