الكاتب: رضوان الله العطلاتـي
تشهد بلادنا في الآونة الأخيرة تزايداً ملحوظاً في محاولات الهجرة السرية، وخاصة بين فئة الشباب الطموح إلى حياة أفضل، فبينما يُعتبر السعي وراء تحسين ظروف العيش حقاً مشروعاً، تكمن المشكلة في الوسائل الخطرة التي يختارها الكثيرون للهجرة. هؤلاء الشباب، في سعيهم نحو ما يرونه مستقبلاً واعداً، يجدون أنفسهم في مواجهة تحديات قد تكلفهم حياتهم.
تُعد مواقع التواصل الاجتماعي عاملاً أساسياً في تشكيل طموحات وآمال هؤلاء الشباب، حيث تنتشر القصص والمشاهد التي تعكس حياة وردية في الخارج، وتغفل هذه المحتويات عن إظهار الجانب الآخر من القصة؛ الوجه الحقيقي للحياة في الغربة وما تحمله من مصاعب وتحديات. فالكثير من هؤلاء الذين نجحوا في الهجرة يكتفون بعرض الجانب المشرق، متجاهلين الصعوبات التي واجهوها أو التي ما زالوا يعيشونها. وهنا تكمن الخطورة، حيث يصدق الشباب هذه الصور المثالية دون تحرٍ أو تفكير في الواقع المرير.
علاوة على ذلك، تشكل الهجرة السرية خياراً محفوفاً بالمخاطر، ليس فقط من الناحية القانونية، بل من حيث المخاطر الجسدية والنفسية. البحر، الذي يعد الوسيلة الرئيسية للهجرة السرية، قد يصبح مقبرة جماعية لأولئك الذين يغمرهم الحلم دون وعي بالمخاطر، فحوادث الغرق ليست أمراً نادراً، والاستغلال من قبل شبكات التهريب يزيد الطين بلة، حيث يعامل هؤلاء الشباب كسلع تجارية لا كأفراد.
على الرغم من هذه المأساة المستمرة، يجب ألا نغفل أن هناك بدائل حقيقية لهؤلاء الشباب في وطنهم، فالمغرب اليوم يعج بالفرص والمشاريع الموجهة لتأهيل الشباب لسوق العمل، حيث برامج التدريب المهني والمبادرات الشبابية باتت متاحة في كل المناطق، مما يسمح للشباب بتطوير مهاراتهم وتحقيق أهدافهم دون الحاجة إلى الهجرة.
تتطلب مواجهة هذه الظاهرة المتصاعدة تقديم الدعم والتوجيه لهؤلاء الشباب، وتوجيههم نحو البدائل المتاحة في بلدهم، كما يجب تسليط الضوء على قصص نجاح شباب تمكنوا من بناء مستقبل واعد داخل المغرب، هؤلاء الشباب يمثلون الأمل والشهادة على أن تحقيق النجاح لا يتطلب مغادرة الوطن.
وفي هذا السياق، لا بد من تعزيز الوعي بمخاطر الهجرة السرية.، لأن الأرقام والإحصائيات المتعلقة بحوادث الغرق أو المعاناة التي يواجهها المهاجرون في بلدان الغربة تشكل رادعاً قوياً، فالاستماع إلى آراء الخبراء في هذا المجال، سواء من الناحية القانونية أو الاجتماعية، يساعد في ترسيخ الفهم الصحيح لهذه الظاهرة.
فشبابنا هم الثروة الحقيقية للمغرب، ومستقبل البلاد يتوقف على قدرتهم على المساهمة في بنائه وتطويره، وبدلاً من المخاطرة بحياتهم في أمواج البحر، يجب أن نعمل جميعاً على تهيئة بيئة تشجعهم على البقاء وتحقيق طموحاتهم هنا.
المصدر: Alalam24